زياد العسل_خاصّ الأفضل نيوز
تشيرُ الأرقامُ الأخيرةُ الصادرةُ عن المطاعم في لبنان، إلى كارثةٍ جديّةٍ بكل ما تحمله الكلمةُ من مدلول، حيث إنّ ثمة انخفاضًا جديًّا في نسبة الاستثمار في هذا القطاع لما يقاربُ ال50%، فقد انخفضَ عددُ المطاعم والمؤسّسات والباتيسري، بين عامي2019 و 2021 إلى ما يقاربُ 3400 مؤسسة ومطعم، بعد أن كان حوالى 8480 مؤسسة في العام 2019, وهناك عواملُ كثيرةٌ تقف وراء هذا النزول الكبير للعديد، لعلّ أبرزها انهيار سعر صرف العملة الوطنيّة مقابل الدّولار، والشّكوى الدائمة من قبل المطاعم حول ضرورة أن لا تستورد موادّها الأساسية بالدّولار، و خاصةً ما يتعلقُ بالخضار والفواكه وما حدث، والانهيار في هذا القطاع مرجّحٌ أن يستمرَّ أكثر إذا ظَلّ سعر صرف العملة الوطنية آخذٌ في هذا الشّكل الانحداري، إذا ظلّ أيضًا رسم الإيجار من المطاعم يستوفى بالدّولار، في الوقت الذي تنتج فيه المطاعم بالعملة الوطنيّة.
وتأتي معطوفةً على ذلك هجرةُ الكثير من المستثمرين للمطاعم إلى الخليج العربيّ، فعلى الرّغم من ارتفاع تكلفة الاستثمار في مطعم، إلا أنَّ البحثَ عن أسواق جديدة والقلق الجديَّ من الوضع اللبنانيّ، دفعا جورج (ابنُ مدينة جبيل)، للاستثمار في مطعم في الإمارات العربية المتحدة في العاصمة أبو ظبي، حيث إنه رغم التكاليف الكبيرة، يرى أنّ رهانه يبقى قويًّا وصائبًا، أكثر من أن يهدرَ أمواله ل10% فقط من اللبنانيين القادرين على الذّخول في المطاعم، وفق سعر صرف العملة الحالية واضمحلال الطبقة الوسطى.
خسائر القطاع المطعميٍّ والفندقي في الأزمة الأخيرة ناهزت 500 مليون دولار، وفي ظلّ المشهد الحالي واعتبار شريحة كبيرة من اللبنانيين أمرًا ثانويًّا، في الوقت الذي ذهبت أولوياتهم لأمور حياتية اخرى، من غير المجدي الاستثمار في هذا القطاع في الوقت الحالي وفق ما يؤكد في تصريح الإستشاري في تطوير المطاعم محمد خضر، حيث يرى أنَّ المتنقل بين الدوحة ودبي ومدن خليجية أخرى، يدرك أنَّ الزّحف قد بدأ في هذا الإطار، رغم صعوبة الطريق ووعورته في السّنوات التّأسيسيّة الأخرى.
لم يعدْ الحديث ينصبُّ حول أي المطاعم الأقلّ تكلفةً والأكثر شعبيّةً، وإنما الحديث حول أولويّات أبعد بكثير من هذا النّقاش، حيث إنَّ راتبه اللبنانيّ الشّهري قد لا يكفيه فاتورةً لثلاثة أشخاص. فهل ننعي قطاعَ المطاعم والفنادق، أم أنَّ صمودَهُ المستقبليَّ، سيكونُ واحدًا من تجلّياتِ المعجزةِ اللبنانيّّةِ الثّابتةِ رغم عواصفِ الدّهر؟