زياد العسل_خاصّ الأفضل نيوز
أيّامٌ قليلةٌ تفصلنا عن نهاية هذا العام الذي كان مليئًا بالكثير من التّفاصيل، وهناك من يعوّلُ على العام المقبل أن يكون عام التّسويات الكاملة والشّاملة، التي تعيدُ ترتيبَ المشهد الإقليميّ والدّولي وبالتّالي ترخي بظلالها على السّاحة اللبنانيّة.
ولعلَّ موضوع " ثورة ١٧ تشرين" هو واحدٌ من الموضوعات الأساسيّة على بساط البحث، التي تأخذ بعدًا نقاشيًّا بين من يعتبرها ثورةً شعبيّةً جديّةً، ومن يعتبرها جزءًا من مخطّط لإفلاس البلاد والعباد انطلاقًا من إقفالِ المصارف، وتهريب الأموال إلى الخارج، وبالتّالي وصول سعر صرف العملة إلى هذا النّحو المرعب، وانهيار الطبقة الوسطى والأزمات التي تعصِفُ بنا من كلّ حدبٍ وصوب.
نظرةٌ بسيطةٌ على ما حدثَ وعلى الظُّروفِ الآنيّة، تؤكد بما لا يقبل الشّكَّ أن هذه اللحظة كانت لحظةً معدَّةً سلفًا ضمن إطارِ مشروعٍ ممنهجٍ إلى ايصالِ البلاد لهذا الدّرك، قبلَ التّرسيم الذي كان الحدثَ المفصليَّ، الذي أتى كل ما سبقَهُ من ظروفٍ ضاغطةٍ ليذهبَ لبنان للتّرسيم، وهو ينزفُ عوضَ أن يذهب بقوة ومناعةٍ وبكل مقوّمات المواجهةِ الفعّالة.
الأمرُ المريبُ أيضًا أنَّ زيادةَ بضعة "سنتات" على "الواتس آب"، ليست أصعبَ من الواقعِ الذي نعيشُ في خضمّه اليوم، ومع ذلك فليس ثمة "تحرّكًا ولا من يتحرّكون"، وهنا ايضًا ثمة أمر مريبٌ، حول عدمِ قيامِ ١٧ تشرين جديدة لشعب بات جلّهُ تحت خطّ الفقرِ والقهرِ والعوز، بسببِ سياساتٍ اقتصاديّةٍ واجتماعيّةٍ عبّدت الطّريقَ نحو قاعِ الانهيارِ الكبير، أوليسَ ما يحدثُ اليومَ يستوجب "ثورةً شعبيّةً عارمةً"، بعد سرقة أموال النّاس بشكلٍ ممنهج ومدروس، وانهيار الأمن والأمان الاجتماعي، وسقوط القدرة الشّرائية، حيث إنّ راتب اللبنانيّ بات يساوي ثمن إطار لسيّارته؟.
ليسَ القصدُ أنَّ منْ ساروا على دربِ الثَّورةِ بأكثريّتِهم السَّاحقة كانوا غير صادقين، بل على العكسِ، فمعظمُ النّاس الذين ساروا كانوا يحاولون من خلال هذه اللّحظةِ التّاريخيةِ أن يعبّروا عن قهرِ سنواتٍ، ولكنَّهم كانوا دونَ أن يدروا ينفّذون مشروعًا تدميريًّا للبلاد بحسنِ النِّية وصدقِ المقصد، غيرَ مدركَين أنَّ ما حدثَ من اللَّحظة الأولى كان بالنسبةِ لهم، لحظةُ الثّأرِ من القوى السّياسيَّة، وكان للمخطّطين بدءُ "تنفيذ القرارِ الإفلاسيّ".