إسلام جحا - خاصّ الأفضل نيوز
قبلَ أسبوعٍ أصدرت منظَّمةُ الصِّحَّة العالميَّة تحذيرًا بشأن وجود دفعةٍ ملوَّثةٍ من دواء "ميتوتريكسات" بعيار 50 ملغ (METHOTREX 50mg) في إقليم المنظّمة لشرق المتوسِّط، وتحديدًا في اليمن ولبنان، بعد وفاة عددٍ من الأطفال في اليمن.
وفي بيانٍ نشرته عبر موقعها الرَّسميِّ، قالت المنظَّمة: "إنَّه تمَّ العثور على الدُّفعة الملوَّثة في اليمن ولبنان، بعد ظهور آثار ضارَّةٍ على أطفال مرضى يتلقّون الدَّواء"، مشيرةً إلى أنَّ السُّلطات الصِّحِّيَّة في البلدين أجرت اختباراتٍ ميكروبيولوجيَّة على القوارير المختومة المتبقية، وكشفت نتائجُ الاختبارات عن وجودَ بكتيريا الزّائفة الزنجارية (Pseudomonas aeruginosa)، وهو ما يدلُّ على تلوُّث المنتجات.
موقعُ الأفضل نيوز سأل المتخصّص في الأمراض السّرطانيَّة والباطنيَّة د.سامي عمر عن هذا الدّواء، فقال: "يعمل على منع إنزيم ثنائي هيدرو حمض الفوليك، ممّا يوقف صنع وتضاعف الحمض النَّووي الخلوي، وبالتَّالي يوقف تكاثر الخلايا التي تتكاثر بسرعةٍ، مثل الخلايا السَّرطانيَّة، وخلايا نخاع العظام، وخلايا الجلد، كما يُعتقد بأنّه يحدُّ من وظائف جهاز المناعة". أمّا عن خطورة الدَّواء لاحتوائه على البكتيريا المزيفة الزّنجارية "pseudomonas arguinosa، فأشار الدكتور عمر إلى أنّها بكتيريا (موجبة هوائيّة)، وتعتبر من المسبّبات infections
التي تحصل داخل المستشفى، وأنَّ علاجها صعبٌ؛ لأنّ لديها القوة على مقاومة المضادّات الحيويّة".
في السّياق، دعت منظمةُ الصِّحّة على "ضرورة الكشف عن المنتجات الملوّثة وسحبها من التَّداول لمنع إلحاق الأذى بالمرضى"، وطلبت زيادة التَّرصُّد وتوخِّي الحذر على مستوى سلاسل التَّوريد، ومراقبة الأسواق غير النِّظاميَّة، وحثَّت السُّلطات المختصَّة بإخطارها فورًا في حال اكتشف هذا المنتج في أسواق الدَّولة.
في هذا الإطار، تحدَّث موقعُ الأفضل نيوز مع نقيب الصَّيادلة في لبنان جو سلّوم الّذي أكَّد أنَّ هذه الأدوية دخلت بصورةٍ غير شرعيَّةٍ إلى لبنان عن طريق بعض الأفراد والمافيات، ولم يُعرَف حتَّى الآن ما إذا كانت قد أدخِلت برًّا أو بحرًا. وهذا يعني أنَّها غيرُ مسجَّلةٍ في وزارة الصِّحَّة تحت إطارٍ معيَّن"، مُطلقًا تحذيرًا من الاستمرار في التَّهريب والسَّماح بدخول الأدوية بطرقٍ غير شرعيَّةٍ.
وعن دور الدَّولة في فرض رقابتها على دخول الأدوية إلى لبنان، قال سلُّوم: "الرَّقابةُ تبدأ من الجمارك، ثمَّ وزارة الصِّحَّة وهي الجهةُ المولجةُ تسجيلَ الأدوية، لتتبعها رقابةٌ من نقابة الصَّيادلة، لذا فالتَّحقيقات جاريةٌ لمعرفة حيثيّات الحادثة وكيفيّة دخول المادَّة البكتيريَّة إلى هذا الدَّواء". وأشار سلُّوم إلى أنَّ "نقابة الصَّيادلة تقوم بتفتيش الصَّيدليَّات والمستوصفات الشَّرعيَّة منذ ٧ شهور، إلى جانب إطلاق حملات التَّوعيَّة بموازاة التَّحذيرات التي بدأتها النّقابة منذ أكثر من سنة".
وزارة الصِّحَّة العامّة أصدرت قرارًا بسحب الطَّبخة المزوَّرة من المستحضر الطبّيّ الخاصّ بعلاج السَّرطان، من الأسواق اللُّبنانيَّة، ومنع تداوله، استنادًا إلى كتاب التَّحذير الصّادر عن منظمة الصِّحَّة العالميَّة. وشدّدت وزارة الصِّحَّة على "ضرورة عدم شراء أيِّ دواءٍ من مصدرٍ غير معروف والالتزام بلائحة الأدوية المسجَّلة والمنشورة على موقع الوزارة؛ حرصًا على سلامة المواطنين وصحتهم، ولحمايتهم من استعمال أدويةٍ مزوّرةٍ، على أن تتابع وزارة الصِّحَّة هذا الملفّ لإظهار المتورطين فيه واتّخاذ الإجراءات اللّازمة في حقهم".
رئيسُ حملة "الصِّحَّة حقٌّ وكرامة" الدّكتور إسماعيل سكريَّة حذّر كذلك "من تسلُّل عمليَّة قتل لأطفال لبنان المصابين بمرض السّرطان بسحبه من أسواق لبنان واليمن"، مطالبًا بـ"كشف كلِّ التفاصيل المتعلقة بهذا الدَّواء القاتل المرسل أصلًا للهند وحوَّله تاجرٌ قاتلٌ إلى لبنان،، آملًا ألّا تكون الوزارة مشاركةً وبشكلٍ غير مباشر في عمليّة القتل هذه، وهي مشاركة بشكلٍ غير مباشرٍ من خلال عدم استيراد أدوية السَّرطان من دولةٍ إلى دولةٍ تحتِّم توافرها في السّوق، وبنصف سعرها ومن خلال استمرار تغييب المختبر المركزي للرقابة الدَّوائية".
صفقةٌ فاشلةٌ لإحدى المافيات إذًا، أو صفقةُ سياسيٍّ نافذٍ وفاشلٍ يقبع خلف عرشه يتاجر بالأرواح بقفّازين سوداوين... وما بين الاثنين فسادٌ ينخر في عظم الدَّولة، وملفاتٌ ستبقى قيدَ الكتمان، لكأنّه لا يكفي أنَّ لبنان بعد الأزمة الاقتصاديَّة قد تراجع طبيًّا، ولا يكفي أنّ مئات الأطباء تركوا البلدَ مريضًا وهاجروا، ولا يكفي تخلّي الدَّولة عن المرضى بمَن فيهم مرضى السّرطان، بل هي اليوم تُمعن في ارتكاب الجرائم من خلال مشاركتها في قتلهم والتَّآمر عليهم بسبب الإهمال في مراقبة دخول أدوية السَّرطان التي باتت اليوم هي الدَّاء والدّواء لأنين مرضى لا تزال العناية الإلهيّة الحارسَ الوحيدَ لهم، فهل من صاحب ضميرٍ يوقف هذه المهزلة؟!.