يوسف الصميلي - خاصّ الأفضل نيوز
الاجتماعُ الثلاثيُّ بين سوريا وتركيا وروسيا أخذ مساحةً واسعة في وسائل الإعلام، واعتبروه بداية مصالحة سورية تركية، وقد يترتب عليه ارتفاع وتيرة التنسيق بين دمشق وأنقرة وصولاً الى اجتماع بين الرئيسين الأسد وأردوغان، هذه المسحة التفاؤلية قد لا تكون جوهر الموضوع، فالرئيس الروسيُّ بوتين الذي شغلته الحرب الروسية الأوكرانية أراد من هذا الاجتماع كبحَ جموح أردوغان الذي هدد بالتوغل ثلاثين كلم في العمق السوريِّ بحجة الحفاظ على الأمن التركيّ، وأقنع بوتين الرئيس الأسد بأنَّ لسوريا مصلحة في اللقاء حتى لا يتمادى الأتراك في تهديداتهم، كذلك فإنَّ موسكو لا تريد أن تخرج الأمور في سوريا عن السيطرة فيما لو خطا أردوغان خطوةً تصعيدية ثقيلة.
أردوغان الذي لا يخفي أطماعه العثمانية يريد أن يظهر أمام الأتراك بأنه الرجل القوي في محيطه، فأمريكا تنسق معه وهو ينسق مع روسيا مرور شحنات الحبوب من أوكرانيا، وفي الوقت الذي يبيع أوكرانيا مسيرات أثبتت فاعليتها في الحرب ، يحافظ على علاقة وثيقة ببوتين، فهو يحاول أن يراكم نجاحات خارجية استعداداً لخوض الانتخابات الرئاسية في حزيران المقبل، إضافة إلى أنَّ إظهار المودة مع دمشق يساعده على أن يلعب ورقة النازحين السوريين وأنها على طريق الحلِّ بتحسين العلاقة بدمشق.
بوتين من جهته يعرف أنَّ أميركا تعمل على إنهاكه في الحرب الروسية الأوكرانية وعينها على وجوده العسكريِّ شرق المتوسط.
بالنسبة لسوريا فالرئيس الأسد يدرك أنَّ الصراع على سوريا قديم جديد وأنَّ الوضع الحاليَّ مؤقت للجميع، سواء في ذلك التركي والإيراني والروسي والأميركيّ وقسد وكل المسميات الأخرى ، ولذلك لا بأس بإظهار المرونة مع تركيا في هذه المرحلة دون أن يكون هناك أيُّ تنازل بشأن الأطماع التركية، مع الحذر من سياسات أردوغان الانقلابية.
تساءل بعضهم عن غياب إيران عن اللقاء وهي مؤثرة في الوضع السوري، وعدم وجودها يؤكد أنَّ اللقاء الثلاثيَّ التركي السوري الروسي، له خصوصية موضعية متعلقة بالحدود السورية التركية والشمال السوري ووضع الأكراد السوريين (قسد) الذين تسلحهم أميركا وتحميهم من تركيا ومن سوريا.
الاجتماعُ الثلاثيُّ إذن محكوم بمصالح ثلاثية مشتركة وقد تعقبه لقاءات أخرى حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة خاصة أنَّ أردوغان موقفه حرجٌ داخليًّا وهو ضعيف عن السابق وهدفه القريب الانتخابات.