ريما الغضبان – خاصّ الأفضل نيوز
لم يكن يعلمُ أنّها النهايةُ التي خطّط لها دون قصدٍ، بل أراد ربما أن يعيش حياةً صحيّةً، ولكنّه دفع حياته ثمن جراحة تكميم المعدة. وديع جورج الوسّوف، آخر ضحايا عملياتِ التّنحيف التي أصحبت تجارةً في غالب الأحيان.
رحلَ وديع ، الشابُّ الخلوق، صاحب الابتسامة الجميلة "بغمضة عين"، تاركًا درسًا لكلِّ الشباب الذين يعيشون هواجس السّمنة. وديع لم يكنِ الضّحيّةَ الأولى، ولن تكون الأخيرة، إذ كانت الشابة المصريّة ابنة ال ١٦ عامًا ضحيّة الجراحة عينها، حيث توفّيت بعد أسبوعٍ على الجراحة، إلى العراق الذي فقد الشابَّ منتظر فليح، ابن ال ١٧ عامًا بسبب جراحة قصِّ المعدة.
لعبت وسائلُ الإعلام في الأعوام الماضية دورًا كبيرًا في تحديد الصّورة النّمطيّة للجسم المثاليّ، ومع انتشار البرامج عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ وعلى وجه التحديد "إنستغرام وتيك توك" بات الحصولُ على الجسم المثاليّ هاجسًا لدى العدد الأكبر من الشّباب. كما وزرعت منصّاتُ التواصل الاجتماعيّ في عقول هذه الأجيال، أنّ السّمنة تعني القبح، وأنّ الجمال يبدأ من شكل الجسم حتى لو كانت العقول فارغةً ؛فالظاهر أهم من مضمون الإنسان.
يعتقدُ بعضهم أنّ كلّ شخصٍ بَدينٍ هو محطّ سخريةٍ، كونه لا يتمتّع بالجسم المثالي، دون أن يعلموا أنَّ الإنسان لا يختار البدانة، فبعضهم يأكلون بشراهةٍ، أما البقيّة فيعانون من السُّمنة بسبب العوامل الوراِثية، اضطرابات الغدد والهرمونات، والأدوية وغيرها من الأسباب الصّحيّة التي لا يستطيع الانسان السّيطرة عليها. تؤكّد الدّراسات إلى أنّ هناك لومًا مجتمعيًّا يمارَس على البدين، كما لو أنّه اختار بدانته، ويذهب بعضهم إلى اعتبار أنّ "السمين" يستحق ما وصل إليه من وزنٍ
زائدٍ لعدم قدرتّه على التحكّم في وزنه.
لم يسلم الأطفال من الّتنمّر، فالطفل البدين أكثر عرضةً للاستهزاء؛ بسبب اعتبار المتنمّرين أنّ البدانة هي نقطة ضعفٍ. توضح الدّراسات أنّ الأطفال الذيّن يتعرّضون للتّنمّر بسبب أوزانهم هم أكثر عرضةً للسمنة في مراحل البلوغ، ويرجع ذلك إلى أنّ الطعام يصبح مصدرًا مريحًا للبدينين سواء أكانوا أطفالًا أو كبارًا؛ لتجاهل السّخرية وتفريغ الشّعور السّلبي.
"نصحانة، نصحان، ليش صاير هالقد، حرام متل البقرة" مصطلحاتٌ جعلها الناس مألوفةً على الأذهان وكأنها مديحٌ، دون أن يعلموا أنها تدمّر الكثيرين، ودون أن يكترثوا لوقاحة كلماتهم، وكأنها أمرٌ طبيعيٌّ. هكذا هي المجتمعات العربيّة "شغلها الشاغل" ذمّ الآخرين والتّنمّر عليهم من باب "المزح"، فهل سيدعون الخلقَ للخالق؟.