سمير رباح -خاصّ الأفضل نيوز
في المناطق المحرومة في زمن ليس ببعيد ،ارتفعَ صرحٌ في منطقة البقاع أضاء سماء المنطقة كما أضاء دروب وعقول أجيالها الطالعة. وما هذا الصرح إلا "أزهر البقاع" المنطقة التي عانت طويلًا من الحرمان ومن غياب الدولة اللبنانية. مما اضطر أبناءها للتحرك والعمل بما يوفر لمنطقتهم سبل الإنماء والنهوض.
ومثلما تحرك النائب والوزير السابق عبد الرحيم مراد ومعه لفيف من أبناء المنطقة وأطلق معركة الإنماء فيها وكان "مركز عمر المختار التربوي" ثم كانت الجامعة اللبنانية الدولية وما بينهما من مؤسسات الغد الأفضل، تحرك سماحة مفتي البقاع انذاك المغفور له الشيخ خليل الميس ومعه لفيف آخر من أبناء المنطقة واطلق معركة المؤسسات وذلك من خلال "أزهر البقاع" الذي أصبح وفي سنوات قليلة واحدًا من أهم المؤسسات التربوية في المنطقة.
ولحكمة في نفس المؤسس، أقيمت هذه المؤسسة الرائدة في موقع حدوديٍّ قريب من منطقة المصنع يطلُّ على بلاد الشام ومنها على الدول العربية.
ففوق مرتفعات جرداء قاحلة من أعمال بلدة مجدل عنجر أقيم "أزهر البقاع" فجعل المنطقة خضراء عامرة ليس على المستوى التربوي فقط، وإنما أيضًا على المستوى البيئيِّ بما يبرز الدور الانمائي لهذه المؤسسة..
في العام ١٩٨٥، كانت الحرب الأهلية لا تزال مستعرةً في لبنان، فكانت الانطلاقة بسعي من المفتي الميس رحمه الله وبدعم من سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشهيد الشيخ حسن خالد وبرخصة من وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان حيث تمَّ اعتماد برامجها التعليمية إلى جانب البرامج الدينية.
لقد درسَ المفتي الميس علومه الشرعية الأولى في أزهر لبنان_ فرع بيروت وأكمل دروسه الشرعية العليا في أزهر مصر حيث عرف أهمية المؤسسات في معركة نهوض المجتمعات والدول ولطالما كان يردد ألا حضارة دون مؤسسات ولا حياة للأمم والشعوب بدون مؤسسات.
وكان يعتبر أن الخطوة التي أقدم عليها كانت مطلبًا إنسانيًا ووطنيا وشرعيًّا لإعداد العلماء والدعاة من أبناء المسلمين على أسس علمية دينية متطورة.
وما هي إلا سنوات قليلة حتى صار أزهر البقاع قبلة أنظار الطلاب من البقاع ولبنان والعالم وصار المبنى الواحد مجمع أبنية أقيمت بجهود أبناء المنطقة من مقيمين ومغتربين وبدعم من رجال أعمال عرب وغيرهم..وهذه البنية تضم بين جدرانها الآن أكثر من اثنتي عشرة مؤسسة توفر العلم وكذلك الخدمات الاجتماعية والإنسانية لأبناء المنطقة. ومن هذه المؤسسات: صندوق الزكاة والمكتبة العامة ومركز البحث العلمي ومجلة الأزاهر وإذاعة القران الكريم ودار الأزهر للطباعة والنشر فضلًا عن مؤسسات شبابية ورياضية واجتماعية وغيرها.
لقد نجح الأزهر ونجح طلابه القادمين من مختلف المناطق اللبنانية ومن الدول العربية والعالم وحققوا المراتب الأولى في الامتحانات الرسمية اللبنانية على مستوى لبنان كله وذلك لاكثر من خمس سنوات دراسية متتالية،وهذا ما دفع بالإدارة لفتح باب التدريس للإناث اللواتي أقبلن بشكل كبير للانتساب إلى أزهر البقاع وتوالت سنوات الدراسة بنجاح كبير حتى تجاوز عدد الخريجين والخريجات التسعماية ينتشرون الآن في مختلف قطاعات العمل في البقاع ولبنان والعالم العربي.
ويقول أحد المسؤولين أن أزهر البقاع مؤسسة تربوية وتعليمية دينية لنشر الوعي والمعرفة الإسلامية الوسطية في المجتمع اللبناني.
كما يعتبر الأزهر مدرسة لبنانية تجمع بين العلوم الشرعية الإسلامية والعلوم الاكاديمية الرسمية اللبنانية.
وتتوزع الدراسة في الأزهر على ثلاث مراحل هي: التعليم الأساسي والتعليم الثانوي والتعليم الجامعي. وتستمر الدراسة في أزهر البقاع وفق الأسس والركائز التي حددتها الإدارة القائمة على التطور والتوسع والتميز.
لقد سلم المغفور له الشيخ خليل الميس إدارة الأزهر لفضيلة الشيخ الدكتور علي الغزاوي عندما استبد به المرض وقبل أن ينتخب الأخير لمنصب الإفتاء في منطقة زحلة والبقاع الذي أعلن أنه يسير على درب الراحل الكبير ما يؤكد أن مسيرة أزهر البقاع مستمرة..