يحيى الإمام - خاصّ الأفضل نيوز
يستمرُّ إضرابُ المعلمين في المدارس والثانويات الرسمية في لبنان بدعوة من روابط أساتذة التعليم الرسميِّ الثانويِّ والأساسيِّ وروابط الأساتذة المتعاقدين وأساتذة التعليم المهنيِّ والتقنيّ، وذلك بعد عطلة الأعياد الطويلة، ليجدَ طلاب لبنان أنفسَهم في حيرة وضياع بين عجز الدولة عن الإيفاء بوعودها والتزاماتها ومطالب المعلمين المحقة في ظلِّ ضائقة معيشية صعبة وشللٍ تامٍّ للدولة ومؤسساتها وما نتج عن ذلك من انسداد للآفاق وغياب للحلول وفقدان للأمل.
فالمعلمون الذين أمضوا ثلاثَ سنوات في دوامة المعاناة وهم يقومون بواجباتهم ويتكبدون المشقاتِ من أجل الاستمرار لم تعد رواتبهم تكفي لحفظ كراماتهم وكرامة أسرهم بعد أن وصل سعر صرف الدولار إلى ما يقارب الخمسين ألف ليرة لبنانية.
وهؤلاء المعلمون كان وزيرُ التربية قد وعدهم بمساعدة اجتماعية قدرها مئة وثلاثون دولاراً في كل شهر، وعند استحقاق الوعد لم يقدم الوزير إلا خمسة دولارات يومياً أي ما يعادل الثمانين دولاراً في الشهر الواحد (إذا كانت أيام العمل الفعلي ستة عشر يوماً ) ، ما جعل المعلمين يعتبرون هذه الزيادة بمثابة الإهانة الصارخة لهم ويدعون إلى التصعيد والاستمرار بالإضراب لا لأنهم لا يريدون إنقاذ العام الدراسيِّ ولكن لأنهم لا يستطيعون ذلك.
وأما وزيرُ التربية فيُعزي سببَ رفضِه تلبيةَ مطالب المعلمين إلى عدم قدرة الوزارة على سدادها وعدم ملاءة الخزينة العامة وغياب الجهات الخارجية المانحة، ويدعو المعلمين إلى تحمل مسؤولياتهم والوصول بالعام الدراسيِّ إلى برِّ الأمان.
وتقبعُ لجانُ الأهل بين سندان الحقوق ومطرقة الخذلان، ولا يسعهم إلا أن ينظروا إلى أولادهم بحسرة لأنَّ القدرَ قد كتب لهم أن يتعلموا في لبنان في هذه المرحلة الصعبة، ويفكر بعضهم بنقل أولادهم إلى المدارس والثانويات الخاصة ولكن بعد فوات الأوان، لأن هذه المدارس والثانويات الخاصة كانت قد قدمت لوائحها إلى دوائر التربية في مهلة أقصاها الثالث عشر من شهر كانون الثاني ولم يعد بمقدورها استقطاب التلاميذ من المدارس الرسمية.
ولعلَّ بارقةَ الأمل الوحيدةَ اليوم تنبثق من دعوة النائب حسن مراد رئيس لجنة التربية النيابية إلى انعقاد لجنة التربية بشكل طارئ يوم الثلاثاء القادم، وقال النائب مراد معلّقًا على الإضرابات التي يشهدها القطاع التربويُّ في لبنان: "طالما حذّرنا من عواقب انهيار قطاع التربية على البلد والمجتمع، آملًا أن تجدَ الحكومةُ الحلولَ المناسبة من أجل إنقاذ العام الدراسي".
نعم، في هذه المرحلة الصعبة من عمر الوطن يتطلعُ الطلابُ والأهل والمعلمون إلى رجال دولة استثنائيين يجترحون الحلولَ ولا يشكون ولا يبكون، يحفظون الحقوق للمعلمين من أجل الاستمرار، وللطلاب من أجل النجاح والتفوق والإبداع، وللأهلين من أجل الشعور بالأمان على مستقبل أولادهم، فهل من منقذ رشيد؟؟؟