زياد العسل - خاصّ الأفضل نيوز
في ظلّ الانهيار الكبير الذي تمرُّ به البلاد، لم يعدِ المواطنُ اللبنانيُّ يتعامل مع شراء الثياب كما كان سابقًا، فال"shoppoing" للثياب كان واحدا من المُتع اللبنانية، ولكنَّ انهيار العملة قلب المعادلة برمتها، وأضحت المصبغة أيضا صعبةَ المنال في بعض الأحيان، على شعبٍ بجلّه ورمته، حيث إنَّ المصبغة التي كانت حلًّا، باتت بأسعارها مشكلةً كبيرة أيضًا، من حيث ارتفاع الأسعار.
"الإقبال على المصابغ ليس كسالف الأيّام، حيث إنَّ هذا الأخير بات لنسبةٍ معينة،بل يمكن القول بكلِّ موضوعية لشريحةٍ طبقيّةٍ معينة، حيثُ إنَّ السعر ارتفع من حوالي ال٢٠ ألف ليرة لبنانية ، إلى أكثر من ٢٠٠ ألف ليرة، وفق محمد وهو صاحب مصبغة في البقاع الأوسط، وهذا يعود لسببٍ مركزيٍّ يتمثل بارتفاع تكلفة الكهرباء والوقود ومقومات العمل بشكل كبير، لذلك فالضحية هم نحن والزّبائن على حدٍّ سواء، والمشكلة الحقيقية هي مشكلة انهيار سعر الصرف الذي أجبرنا جميعا على تذوّق هذه الكأس".
ويضيفُ صاحب المصبغة(٦٣ عاما)، أنه يأتي معطوفًا على ذلك، روجان تصليح قطع الملابس وخياطتها، وهذا ما نعمل به إضافةً لعملنا الأساسيِّ كمصبغة، في ظلِّ هذا الوضع الذي يجبِرُ الناس على هذا الأمر، ولذلك فالعمل في الصباغة سيكون خفيفًا جدا في المرحلة المقبلة، طالما أنَّ المشهدَ الاقتصاديَّ والاجتماعيَّ على هذه الشاكلة.
"الأفضل نيوز " التقت مجموعة من الزبائن في المصبغة عينها، حيث أن جميعهم أكد عدم المقدرة على الصباغة كما في سابق الأيام نتيجة انهيار قيمة رواتبهم(على العملة الوطنية)، وارتفاع ثمن الصباغة، وأنهم باتوا يقصدونها لانّ (المعلم محمد)، وسّع العمل باتجاه الخياطة والتصليح وفق وصفهم،وهم يعذورنهم نظرا لارتفاع الكلفة التشغيليّة في الصهاريج والكهرباء وأدوات التنظيف وسواها من مقومات المهنة المركزيّة، من أجار عمل وعلبة تعاليق، وصهريجين من المياه في الاسبوع، وكمية الاطنان من المازوت التي تبلغ أكثر من ٣ أطنان اي ما يزيد عن ١٥٠ مليون ليرة لبنانية شهريًّا، والحديث يتّسع.
ليست المصبغة وحدها أضحت من كماليّات الحياة، وإنما أمور كثيرة جدًّا، في وطن يحتضر كل يوم، وينتظر شعبُه بفارغ الصبر من يصبغ أيامه بخبر مفرح، قبل أن يصبغ قلبه السّواد الحالك النّاجم عن العزائم اليومية للانهيارات المتتالية على الطّبق اللبناني المصبوغ "بالقلّة".