كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
لا يبدو أنّ اتفاقًا أنجز في باريس ثمّ في الدوحة وقبلهما في القاهرة، بشأن وقف الحرب التّدميريّة الإسرائيلية على غزة، وأنّ الأمر لا يعدو كونه تسريبات إعلاميّة، تخدم العدوَّ الإسرائيليّ، في الشّروط الّتي عرضها، وأعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، أنّه جرى التّفاهم حولها في اجتماع باريس الذي حضره مسؤولو الأجهزة الأمنيّة في كلّ من أميركا وإسرائيل ومصر وقطر، وبأنّ التّوجّه هو نحو تبادل أسرى، يصل عدد الإسرائيليين منهم ٤٠ أسيرًا، من النّساء والمرضى، يقابلهم الإفراج عن ٤٠٠ أسير فلسطيني، لا سيما من السجناء المحكومين بسنوات سجن كبيرة، وعلى أن تتمّ هذه العمليّة خلال ٤٠ يوماً، تتوقّف فيها الأعمال العسكريّة، وليست الحرب، التي أعلن رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو، بأنها ستستأنف بعد الانتهاء من تحرير كلّ الأسرى الإسرائيليّين، حيث اشترط خروج حركة "حماس" بقادتها وعناصرها من غزة، التي سيبقى الاحتلال فيها على أن تُديرها سلطة من خارج "حماس" ومنظّمة التّحرير الفلسطينية.
هذه الشّروط الإسرائيليّة، أعلنت "حماس"، أنّها ترفضها، وهي لم تتطلّع على ما يسمّى "وثيقة" نتنياهو، الذي يريد من المفاوضات الأمنيّة الرّباعيّة، أن يخرج بانتصار سياسيّ لم يسجّله في الميدان العسكري، حيث يسرّب العدوّ الإسرائيليّ، بأنّ عمليّة تصفية "حماس" شارفت على نهايتها، ولم يبق من ٢٤ فرقة عسكريّة "لكتائب القسّام" سوى ٧ هي على شفير الموت أو الهرب والاستسلام، وأنّ المسألة تحتاج إلى أسابيع.
لذلك لم يصل اتفاق باريس، والّذي سبقه ما سُمِّي أيضًا اتفاق - إطار، قبل أسابيع، إلى إحداث خرق في حوار الحرب المستمرّة من العدوِّ الإسرائيليِّ على غزة، وهذا ما أكّدته "حماس" أيضًا، التي تعاطت مع ما تسرّب من بنود اتفاق، بأنّها غير موجودة، وهي كانت إيجابيّة، في أن يتمّ التّوصّل إلى اتّفاقٍ لوقف النّار، وينهي نكبة الشّعب الفلسطيني في غزّة، إلّا أنَّ ما تمَّ تسريبه من خلال وكالة "رويترز"، على أنّه اتفاق للمرحلة الأولى، وتبدأ بإطلاق سراح أسرى ومحتجزين، إنّما هو "اتفاق إذعان" لم توافق عليه، تقول مصادر قياديّة في "حماس"، التي وعندما اطلعت على ما قبل أنّه اتّفاق رباعيّ، يتوجّه وفدٌ منها إلى قطر، وأبلغ المسؤولين فيها، لا سيّما الأمير تميم بن حمد آل ثاني، أثناء لقائه رئيس المكتب السّياسي لحركة "حماس"، اسماعيل هنيّة، بأنَّ مثل هذا الاتفاق لا يلبّي المطالب الفلسطينيّة، بل يسوّق لما يريده العدوُّ الإسرائيليُّ المأزوم في حربه التي أنهت شهرها الخامس، فلا يمكن تعويضه في السّياسة، ما لم يحرزه في الميدان، الّذي ما زال يكبّده خسائر بشريّة وصلت في آخر اعتراف إسرائيلي، إلى نحو ٦٠٠ ضابط وجنديّ، منذ العمليّة البرّيّة في غزّة، إضافة إلى تدمير دبّابات وآليّات له، تقدّر بنحو ألف، وكذلك استمرار المقاومة الفلسطينيّة في غزة، بإطلاق صواريخ، باتجاه المستوطنات والمواقع العسكريّة الصّهيونيّة، في غلاف غزّة، أو باتّجاه تل أبيب وإيلات.
من هنا، فإنَّ ما أعلنه الرّئيس الأميركي جو بايدن، بأنّ نتنياهو، سيعلن الالتزام بهدنة خلال شهر رمضان، بدءًا من الاثنين القادم، خرج رئيس حكومة العدو ليكذّبه وينفي مثل هذه المعلومة، الّتي قال بايدن بأنّ مستشاره للأمن القومي أبلغه إيّاها، حيث ربط مطّلعون على الوضع الأميركي، بأنّ بايدن أراد استخدام كلامه عن وقف لإطلاق نار محدود، ليخدم فيه حملته الانتخابيّة، لا سيّما لدى المواطنين العرب والمسلمين ومن أعراق محدّدة، وتحديدًا في ولاية ميشيغن، الّتي وصل بايدن إلى الرّئاسة الأميركية بنحو ١٤٠ ألف صوت، حصل عليها في هذه الولاية، الّتي لم تلتزم معه في هذه الدّورة، وفق آخر المعلومات الانتخابيّة، وليردّ عليه نتنياهو، بأنّ إسرائيل لديها تأييد في أميركا يصل إلى ٨٢% وهي من تتحكّم في الانتخابات الرّئاسيّة الأميركيّة.
وقصد نتنياهو أيضًا من موقفه، بأنّ الشّعب الأميركي يقف إلى جانب إسرائيل للتّقليل من أهميّة التّظاهرات الّتي تخرج بغالبيّة الولايات الأميركيّة تدعو لوقف الحرب والانتصار لفلسطين، وكان آخر الأعمال البطوليّة حرق جنديّ إسرائيليّ لنفسه.