كريستال النوّار - خاص الأفضل نيوز
فجّر الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله "قنابل" عدّة في كلمته الأخيرة، التي لم تمرّ مرور الكرام كما كان يحصل أخيراً حيث اعتُبرت خطاباته في الفترة السابقة أقلّ أهميّة من المُعتاد.
وأتت هذه الكلمة "الناريّة" بعد نشر الإعلام الحربي في "الحزب" مقطع فيديو مدّته نحو 10 دقائق، قال فيه إنّ مسيّرة تابعة له صوّرت مواقع حساسّة في إسرائيل تضمّ موانئ بحريّة ومطارات لمدينة حيفا. كما تضمّنت اللقطات، صوراً لما قال حزب الله أنها مواقع عسكريّة استراتيجيّة في شمال إسرائيل، بما في ذلك أنظمة الدّفاع الجوي ومواقع للقبة الحديديّة ومقلاع داود، بالإضافة إلى لقطات لمنطقة سكنيّة في "كريات يام" القريبة.
من جهتها، أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيليّة إلى أنّه "من المُفارقات أنّ اسم المسيّرة يرمز إلى الهدهد، الطائر الوطني الإسرائيلي"، مؤكدةً أنّ "مقاطع الفيديو تضمّنت فعلاً لقطات لميناء حيفا وأحياء سكنيّة في المدينة ومركز تسوّق ومصنع لشركة رافائيل للدفاع، كما وثّقت تعقب طائرة من دون طيار لمركبة متحرّكة".
هذا السيناريو يُعتبر جديدًا نوعًا ما، في تفاصيله، بالنّسبة إلى اللبنانيّين الذين يخشون اندلاع حربٍ شاملة في أيّ لحظة خصوصًا وأنّ الجنوب تحت خطّ النّار وعددًا من الأهالي لم يترك منازله.
في هذا السياق، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب: لم أتفاجأ بما جاء به "الهدهد"، لأنّها ليست المرّة الأولى التي تطوف فيها مسيّرات للتصوير داخل إسرائيل وعندما يقول نصرالله أنّه يمتلك بنك أهدافٍ كاملاً، في خطاباته السابقة، فهذا يعني أنه صوّر فعلاً، وليس كلامه عبارة عن تهديد لفظي فقط، والدّليل أنّ إحدى الصّور جاءت العام الماضي من مسيّرة وصلت إلى النقب في جنوب إسرائيل".
ويُشدّد ملاعب، في حديثٍ لموقع "الأفضل نيوز"، على "العامِل النفسي الذي يتركه وجود هكذا فيديو على أهالي الشمال وأهالي إسرائيل كلّها، لأنّه قد يكون هناك هدهد 2 و3، وهذه رسالة عمليّة، خصوصاً بعد استفتاء في إسرائيل عن مدى رغبة الناس هناك بالحرب ضدّ جنوب لبنان، حيث كانت النتيجة 62 في المئة ممّن يرغب بالحرب.
ولكن أعتقد أنّه بعد هذا الفيديو، لن تبقى هذه النسبة مرتفعة، ومن هنا يكون الفيديو قد فعل فعله كعاملٍ نفسي قويّ".
كما يُضيف في التّفاصيل العسكريّة الاستراتيجيّة: "مبدئيًّا، ما جاء به الهدهد ويعنينا عسكريًّا، هو التفاصيل التي حدّدت مواقع شركات صناعة أسلحة إسرائيليّة وهذه الشّركة تحديدًا تُنتج مع أميركا، صواريخ القبّة الحديديّة. بالتّالي، من الواضح أنّ هذه الرّسالة للإضاءة على وجود هذه الشّركة وإمكان استهدافها، ممّا يُشكّل ضربةً كبيرة لتجفيف قدرات الدّفاع الجوي التي تُمثّلها القبّة الحديديّة".
ويُتابع ملاعب: "عمليًّا، صادرات الأسلحة الاسرائيليّة العام الماضي تجاوزت 13 مليار دولار وهذا رقم لا يُستهان به، لذلك هذه الإشارة إلى شركات صناعة الأسلحة، تعني إصابة موردٍ مهمّ لإسرائيل، أحد أهمّ موارد الاقتصاد الإسرائيليِّ".
أمّا عن خطاب نصرالله، فيرى ملاعب أنّه "جاء ضمن الاستراتيجيّة العسكريّة نفسها، وضمن أسلوب "بتوسّعوا بنوسّع".. بالضّربات وكذلك بالتّهديدات".
ويُضيف: "عندما جاء المبعوث الأميركي آموس هوكستين إلى بيروت، كان من المُنتظر أن يحمل سلّةً فيها أمل أو جديد، ولكن يبدو أنّ سلّته لم تكن تحمل شيئًا جديداً، بل كان متصلّبًا ونقل رسالةً صعبة جدًّا وهي إمّا وقف القتال أو الحرب. وحتّى عندما لمّح سابقًا لبعض نواب المُعارضة في واشنطن حول أنّه إذا أنشأنا منطقة منزوعة السلاح وعاد الأهالي إلى ضفّتي ميدان القتال، عندها يُمكن البحث في الترسيم البرّي.. اليوم فقط تصريحه العلني أنّ الخلاف على بعض النقاط في الخط الأزرق يُمكن أن يُحلّ".
هنا، يلفت ملاعب إلى أنّ "الخط الأزرق هو خطّ انسحاب وليس حدوداً بيننا وبين إسرائيل.
فالحدود ترسمها فقط اتفاقيّة الهدنة الموقّع عليها من قبل الفريقين اللبناني والإسرائيلي وهي التي احتُلّت بعدها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا"، معتبراً أنّ "الحلّ يكون بتنفيذ اتفاقيّة الهدنة وليس أكثر ولا أقلّ. ويبدو أنّ تصلّب هوكستين انسحب على كلام نصرالله فتصلّب بمواقفه هو أيضاً. وردّ الإسرائيلي بالمُقابل بتصلّبٍ آخر وقال إنّه أنجز الخطّة بكيفيّة الهجوم على لبنان، وهذا كذلك ضمن التهويل".
لماذا يأتي هذا الإعلان في سياق التهويل فقط؟ يُجيب ملاعب: "من المفترض أن تكون للجيش دائماً خطّة جاهزة، خصوصاً إذا كان الميدان مفتوحاً... فهذا ضروريّ لتأمين مُستقبل الصّراع من خلال تجهيز خطّة لليوم التّالي".
ويُشدّد أيضاً على أنّ "إنجاز الخطّة لا يُعتبر قرار حرب، ويجب أن يعلم الجميع أنّ إسرائيل لا دستور لديها حتى الآن لأنّها لم تُحدّد حدودها، لذلك فهي تقوم بنوعٍ من إنشاء قوانين لديها صفة دائمة ليست كدستور، ولكن رئيس الأركان اليوم يُنفّذ سياسة الحكومة وقراره يأتي من الحكومة مجتمعةً، وحتّى مجلس الحرب هو مجلس استشاريّ فقط.
بالتّالي، حتى لو قال الجيش إنّه أعدّ الخطّة، فهذا ليس قراراً للحرب، لأنّ هذا القرار تتّخذه الحكومة فقط".
وفي تطوّرٍ تصعيديّ جديد، وجّه نصرالله التحذير إلى حكومة قبرص بناءً على ما قال أنّها معلومات تلقّاها "الحزب" تُفيد بأنّ إسرائيل، التي تُجري سنويًّا مناوراتٍ بهذه الجزيرة الواقعة في البحر المتوسط والعضو بالاتحاد الأوروبي والقريبة من لبنان وإسرائيل، قد تستخدم المطارات والقواعد القبرصيّة لمُهاجمة لبنان في حال استهداف حزب الله للمطارات الإسرائيليّة.
وقال الأمين العام للحزب: "لدينا معلومات أن العدوّ يُجري مناورات في مناطق ومطارات قبرصيّة، وهو يعتبر أنه في حال استهداف مطاراته سيستخدم المطارات والمرافق القبرصية"، مُحذّرًا: "لذلك يجب أن تعلم الحكومة القبرصيّة أنّه في حال تمّ فتح المطارات والقواعد القبرصيّة للحرب على لبنان، سنتعامل مع قبرص كأنّها جزءٌ من الحرب".
تعليقاً على هذا الموضوع، يقول ملاعب: "قبرص تُعتبر مركزاً كبيراً لإدارة المُخابرات البريطانيّة في الشّرق الأوسط وهي مركز لقواعد بريطانيّة وجزء من النّاتو، وعمليًّا هذه الدولة كانت ستقوم بمهام كبيرة مع الميناء الأميركي العائم لصالح إسرائيل، إذ أعلنوا بأنفسهم أنه ستكون هناك رقابة إسرائيليّة في قبرص على كلّ ما يدخل من غزة".
ويُتابع العميد المُتقاعد: "هذا التهديد لقبرص بمثابة نذير أنّ حزب الله سيُلاحق العدو ليس فقط في أرضه أو في أرضٍ يحتلّها، ولكن إذا استخدم أيّ أرضٍ أخرى سنلاحقه فيها أيضاً..
الموضوع قد يكون ليس فقط قبرص، بل اليونان أيضاً حيث تجري فيها تدريبات.
إذًا، تحذير قبرص كان فقط للتهويل على كلّ مَن يدعم إسرائيل، إذا جاء بأساطيله فستكون مستهدفة، وهذا يمكن أن يعتمده عندما قال "لدينا ما نقوم به وعن قرب في ساحل المتوسط".
كما يُسلّط ملاعب الضّوء على ما قاله نصرالله عن أنّ "الأسلحة التي يحتاجها حزب الله ما زالت تتدفّق إليه، وأنّه يقوم بتطوير وصناعة صواريخ ومسيّرات في لبنان. والمهمّ إشارته إلى أنّ كلّ ما قامت به إسرائيل من عدوان على سوريا وإعلانها أنّها قصفت مواقع صواريخ للحزب، كلّ ذلك لم ينفع".
ولكن، وفق ملاعب، "لدى إسرائيل تفوّق جوي لا يُقارَن بما يمتلكه حزب الله، ويجب توضيح أنّ طائرة "أف 35 - الجيل الخامس" من الطائرات الخفيّة عن الرادار لا يمكن اصطيادها بأسلحةٍ يمتلكها الحزب".
ويلفت إلى أنّ من مميّزات هذه الطائرة أنّه يُمكنها الإقلاع العمودي والهبوط العمودي من دون مدرّج، فإذا دُمّرت المدارج يمكن أن تكون لديها بدائل من دون اللجوء إلى قبرص".
"في حرب أو ما في حرب؟" هذه العبارة تتكرّر يوميًّا في لبنان من دون أيّ إجابات واضحة. ولكن هل تعتقدون أنّ إسرائيل، إذا أرادت تنفيذ هجومٍ كبيرٍ على لبنان، ستُحذّرنا سابقاً؟ لا أعتقد ذلك... أمّا الجواب الأمثل فتُحدّده الأيّام والتطوّرات الميدانيّة.