د. علي دربج - خاصّ الأفضل نيوز
في وقت اتجهت أنظار العالم أجمع إلى خطاب مجرم الحرب رئيس الحكومة الإسرائيلية الفاشية، السفاح بنيامين نتنياهو، أمام الكونغرس الأمريكي، والذي قوبل بالاحتجاجات والرفض من قِبل عدد المشرعين والأكاديميين والنخب والناشطين والطلاب الأمريكيين المؤيدين لفلسطين، كانت خطة "اليوم التالي لغزة" تطرح على طاولة اللقاءات السّرية الدبلوماسية الثلاثية، بالإمارات العربية المتحدة التي ضمت مسؤولين إماراتيين و إسرائيليين و أمريكيين.
وتبعًا لذلك، ناقش هؤلاء الدبلوماسيون دور السلطة الفلسطينية "الإصلاحية" في دعوة الدول العربية والأوروبية وبلدان العالم النامي، إلى توفير قوات بموجب "تفويض تحقيق الاستقرار" في غزة. كما تطرّقوا الى قائمة القادة الجدد المحتملين للسلطة الفلسطينية، وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق سلام فياض.
القناة الإماراتية، وعرابو اليوم التالي لغزة
في الواقع، لطالما لعب الإماراتيون دوراً متزايداً في غزة قبل الحرب وخلالها، بعدما استغلوا وعلى مدى سنوات شبكة من أنصار محمد دحلان مسؤول الأمن الوقائي السابق في السلطة الفلسطينية والذي عاش في أبو ظبي منذ استلام حماس الحكم بغزة الفلسطينيين. كما أن العلاقات الحميمة التي تربط الإمارات بكل من إسرائيل والولايات المتحدة، أعطت أبو ظبي دفعًا كبيرًا لاستضافة هذه القناة الخلفية الثلاثية، حيث عقد اجتماعًا رئيسيًا الأسبوع الماضي في أبو ظبي.
اما المضُيف، فكان الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة. الذي انضم إليه أيضا: رون ديرمر، أعلى مستشاري نتنياهو رتبة، وبريت ماكغورك، مدير سياسة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي للرئيس جو بايدن. وعليه تبادل المسؤولون العرب والإسرائيليون والأميركيون تفاصيل المناقشات لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم. إشارة الى أن قبل موقع Axios كان أول ما كشف عن هذا الاجتماع أمس الثلاثاء.
أكثر من ذلك، طرح عبد الله أفكارًا حول كيفية إدارة الأمور الأمنية والسياسية بمجرد انتهاء الحرب، وهو ما تصفه إدارة بايدن بالمرحلة الثانية من خطتها لوقف إطلاق النار. والمثير أن الإمارات لخصت أفكارها في ورقة بيضاء أرسلتها إلى البيت الأبيض الثلاثاء الفائت.
وما الذي تضمنته الورقة الإماراتية حول اليوم التالي بغزة؟
في الحقيقة، حملت الورقة الإماراتية في جوهرها العديد من الأفكار والاقتراحات اللافتة التي يمكن إيجازها بالآتي :
أولا: إمكانية قيام السلطة الفلسطينية "الإصلاحية" ــــ باعتبارها الجهة الحاكمة المعترف بها دوليا في غزة ــــ بدعوة الشركاء الدوليين، لدعم الأمن والمساعدات الإنسانية في غزة من خلال "تفويض تحقيق الاستقرار" الذي قد يستمر لمدة تصل إلى عام. وفيما تشير التسريبات، إن الإماراتيين يفضلون فياض ( رئيس وزراء السلطة الفلسطينية من 2007 إلى 2013) كزعيم لجهود الإصلاح، تقول المعلومات أن الإسرائيليين على استعداد لقبوله أيضا.
ثانيا، طلب السلطة الفلسطينية للدعم العسكري والاستخباراتي من مجموعة من البلدان. وعلى الرغم من معارضة نتنياهو الشديدة السابقة للسلطة الفلسطينية، سرت أخبار إن ديرمر نقل للإماراتيين، أن إسرائيل قد تقبل ضمنيًا هذا النهج.
ثالثا، من بين الدول العربية التي يمكن تقدم خدمات أمنية محتملة للسلطة، كل من : مصر والمغرب وقطر والإمارات نفسها. إضافة الى دعم أمني محتمل من بلدان غير عربية أيضًا، بما في ذلك إيطاليا ورواندا والبرازيل وإندونيسيا، وربما دولة رائدة في آسيا الوسطى.
رابعا: ستوفر الولايات المتحدة القيادة والسيطرة والدعم اللوجستي من قاعدة قريبة في مصر.
خامسا: السعي للحصول على دعم لقوة تحقيق الاستقرار هذه، من الجمعية العامة للأمم المتحدة، بدلاً من مجلس الأمن، وذلك تدارك لاصطدام بحق النقض الروسي و تلافيًا لشلّ المفاوضات.
سادسا: ستتبع فترة الاستقرار الأولية "تفويض إعادة الإعمار" الذي قد يمتد لسنوات.
سابعا: يأمل الإماراتيون أيضًا أن تعمل الولايات المتحدة على تحسين "خارطة الطريق" نحو إقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف، على الرغم من أن إسرائيل لن تؤيدها.
ثامنا، توسيع نطاق الأمن المدعوم دوليًا بشكل تدريجي والانتقال من الشمال إلى الجنوب في غزة، قطاعًا تلو الآخر. ويشبه هذا النهج اقتراح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بشأن "الفقاعات" الأمنية، رغم أن المبعوثين لا يستخدمون هذا المصطلح.
أما الجزء المثير للجدل من الخطة هو الدعم المسلح من المقاولين الأمنيين المقيمين في الولايات المتحدة.
في المحصّلة، إن أي مقترح أو خطة لا تحمل في طياتها وقف الإبادة الجماعية الجارية بغزة، تعني منح نتنياهو مزيدًا من الوقت والفرص، لسحق أكبر عدد ممكن من جماجم الأطفال والنساء والشيوخ. وبالتالي فإن هذه الجهود، لن تثير سوى الآمال الكاذبة بأن هناك انفراجة قريبة - في حين أن الواقع على الأرض لا يزال يشهد يوميًا إراقة أنهار من دماء المدنيين الفلسطينيين الأبرياء الذين لم يعودوا يجدون أي متر أرض آمن بغزة.