طارق ترشيشي_خاصّ الأفضل نيوز
شيئا فشيئا يقترب موعد ردود "محورالمقاومة" على الاغتيالات والهجمات الإسرائيلية الأخيرة، ولا سيما منها رد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية في طهران والقائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر. ويبدو أن ما يؤخر هذه الردود حتى الآن، وخصوصا ردود طهران و"الحزب" هو الاستعداد والتحضير لمواجهة الرد الإسرائيلي عليها. ولذلك فإن المهم الآن لدى المحور هو مرحلة ما بعد الردود أكثر من تنفيذها والأهداف التي ستتناولها، إذ ربما انزلقت الأوضاع بعدها في اتجاه حرب شاملة لا بد من الاستعداد لها.
يقول مصدر ديبلوماسي مطلع على الموقف الإيراني إن رد إيران على اغتيال ضيفها هنية في قلب طهران واضح من حيث القرار بتنفيذه، لكنه غير واضح من حيث توقيت هذا التنفيذ والذي ستحدده القيادة الإيرانية بمستواها العالي بمفردها وذلك لاعتبارات أمنية تتصل بالحرص أن يكون هذا الرد شافيًا ووافيًا يفي الضيف الكبير المغدور حقه ويفي إيران حقها في الدفاع عن شرفها وحقها وأمنها وسيادتها.
ويضيف المصدر أن هناك ثلاثة اعتبارات لدى القيادة الإيرانية في الرد:
ـ أولاً، إن الرد سيكون رسالة ردعية لإسرائيل يمنعها من تكرار مثل هذه الجريمة التي ارتكبتها والتي أن تمادت فيها فلربما تطاول المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي وأي مسؤول إيراني آخر كبير.
ـ ثانياً، أن الجريمة ارتكبت في حق رئيس حركة "حماس" أثناء حلوله ضيفا على القيادة الإيرانية، وقد أرادت إسرائيل من قتله في قلب طهران وبهذه الطريقة الوقحة إظهار أن إيران لم تعد ملاذاً آمنا لفصائل المقاومة الفلسطينية وغيرها من حركات المقاومة والتحرر العربية والعالمية. ولذلك فإن الرد عليها سيكون بإثبات أن إيران كانت ولا تزال وستبقى هذا الملاذ الآمن لكل فصائل المقاومة ولجميع الساعين إلى الحرية في العالم.
ـ ثالثاً، أن إيران تريد للرد على اغتيال هنية من حيث حجمه أن يكون بديلاً من خيار الذهاب إلى الحرب الواسعة، وهذا الأمر سيتحدّد من خلال توقيته وشكله وحجمه وهناك قلة من المسؤولين المطلعين على هذا الأمر ويندرجون في إطار حلقة ضيقة جدا. فهو سيكون ردًا موجعاً ولا يستدرج حربًا كبيرة في المنطقة.
أما بالنسبة إلى شكله أيكون منفردًا أو ضمن رد شامل يتم بالتنسيق بين كل دول "محور المقاومة" والحركات المنضوية تحت لوائه، فإن الخيار المرجح حتى الآن هو أنه سيكون منفرداً ومنفصلاً عن رد حزب الله على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر. ولكن الردين سيكونان متقاربين زمنياً، فكل منهما معني برد مباشر يختلف في أهدافه عن الآخر تبعا لطبيعة الشخصية التي استهدفها الإسرائيلي بالاغتيال فضلا عن أن هناك فارقا مكانيا بين الضاحية الجنوبية لبيروت و العاصمة الإيرانية طهران، وهذا ما يرجح فرضية أن يأتي الردان منفصلان أحدهما عن الآخر
ويشير المصدر إلى أن الإسرائيليين حددوا حتى الآن ثمانية مواعيد للرد الإيراني لكن الموعد الحقيقي والعملي كان ولا يزال ملك القيادة الإيرانية الرفيعة المستوى، والمرجح أنه اقترب وسيحصل حتما، والدليل إلى ذلك استقالة نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف من منصبه لأنه في الأساس لم يؤيد هذا الرد تحت عنوان أن "ليس على إيران أن تحارب عن غيرها" متخوفا من توريط ايران في حرب كبرى. مخالفا إرادة المرشد الإيراني الذي قال إثر اغتيال هنية أن "الثأر واجب". موجهًا بهذا الموقف رسالة إلى إسرائيل مفادها أن العقاب على جريمتها سيكون "عقابا شديدًا"، وكذلك رسالة إلى الفريق السياسي الإيراني الذي تسلم رئاسة الجمهورية في الأونة الأخيرة تلزمه بالرد.
ويقول المصدر أن ظريف استقال عندما شعر أن الرد الإيراني على اغتيال هنية قد نضج وبات جاهزا وينتظر تحديد الساعة الصفر لتنفيذه، ولذلك آثر الاستقالة من منصبه حتى لا تطاوله إجراءات معينة كونه يتولى منصب نائب رئيس الجمهورية، فيما هو يتخذ موقفًا مغايرًا حيث نُقل عنه قوله: "إن إيران غير مضطرة للقتال عن غيرها".
ويقول المصدر الديبلوماسي أنه في رد "الوعد االصادق" في 14 نيسان الماضي على القصف الإسرائيلي لمقر القنصلية الإيرانية في دمشق، كان المطلوب أن يكون الهجوم الجوي على إسرائيل من حيث الضخامة والشكل مهولاً ومخيفاً لها ولداعميها، "ولكن الرد على اغتيال هنية لن يكون على غراره في الشكل وإنما سيكون في المضمون موجعاً جداً".
ويضيف المصدر نفسه أن التأخير في تنفيذ عملية الرد هذا يعود بالدرجة الأولى الى اعتبارات دفاعية حيث أن إيران مهتمة حاليا بنشر منظومات دفاعية في كل أنحاء البلاد وفي كل المناطق الحساسة والاستراتيجية لحمايتها من الرد الإسرائيلي المتوقع على ردها الذي ستكون المرحلة بعده مفتوحة على "أيام قتالية" تتخطى قواعد الاشتباك المعمول بها سواء بالنسبة إليها أو بالنسبة الى حزب الله، إذ يتوقع بعد الرد أن تكون هناك ضربات متبادلة وإيران تأخذ في حسبانها احتمال تعرضها لهجوم إسرائيلي جديد، ولذلك من الطبيعي أن تحضر نفسها لمرحلة ما بعد الرد على اغتيال هنية، خصوصا وأنها بلاد واسعة جدا جغرافياً على عكس إسرائيل ذات المساحة الصغيرة والتي تحظى بدعم الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو والدول الغربية تسليحياً واستخباراتياً ولوجستياً متسق ما يفرض على إيران تحصين نفسها ومواجهة أي ضربات محتملة إسرائيلية وربما غير إسرائيلية.