كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
آخر رهان لبنانيّ رسميّ، على وقف الحرب الإسرائيليّة التّدميريّة على لبنان، كان على الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، قبل أن يتقاعد من وظيفتها في البيت الأبيض، ويتحوّل إلى العمل في القطاع الخاص، وهو حضر إلى الكيان الصّهيونيِّ، قبل أيّام من الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، علَّه يُحقّق تقدّمًا نحو حلٍّ يُنهي الحرب على الجبهة اللبنانيّة - الإسرائيليّة، والتي وسَّعها العدوُّ الإسرائيليُّ قبل شهر ووضع أهدافًا لها، هي إبعاد قوات "حزب الله" عن الحدود لمسافة ما بعد شمال الليطاني، وعودة سكان المستوطنات إلى شمال فلسطين المحتلّة.
فالحلُّ السياسيُّ - الدبلوماسيُّ لوقف الحرب الإسرائيليّة على لبنان، أفشله رئيس حكومة العدوِّ الإسرائيليِّ بنيامين نتنياهو، وأبلغ هوكشتاين بأنَّ القرار ١٧٠١ لم يعد صالحًا للعمل به، لا بل يجب أن يعدّل وتتغيَّر آليَّته، بوجود عسكريٍّ أميركيٍّ - إسرائيليٍّ، يمكن أن تشارك فيه قوّات دول أخرى، وتلغى "القوات الدوليّة" التي أنشأتها الأمم المتحدة لتنفيذ القرار ١٧٠١ بعد صدوره في ١٤ آب ٢٠٠٦، لوقف الأعمال العسكريّة في أثناء الحرب الإسرائيليّة على لبنان.
لذلك، فإنَّ نتنياهو، لم يعد ينظر إلى القرار ١٧٠١، أنَّه يحقِّق لإسرائيل الأمن ويعطي الضَّمانات الأمنيّة للمستوطنين، إذا لم ينعدم وجود "حزب الله" ليس جنوب الليطاني، بل في كلِّ الجنوبِ ولبنان، وفق ما يؤكِّد قادة العدوِّ الإسرائيليِّ، الذين يريدون لبنان بلا مقاومة ولا سلاح، والوضع نفسه في فلسطين، ممّا يُؤكّد أنَّ الهدف الإسرائيليّ هو التَّدمير والإبادة الجماعيّة، وهذا ما مارسه الجيش الإسرائيليّ في غزّة، وينفِّذه في لبنان الذي وعده وزير الحرب الإسرائيليّ يواف غالانت بتحويله إلى غزّة، وهو ما حذّر منه رئيس مجلس النّواب نبيه بري، من تحويل لبنان إلى غزّة ثانية، وهذا ما باشره العدوُّ الإسرائيليُّ، من خلال تدمير ممنهج لكلِّ الجنوب والبقاع والضّاحية الجنوبيّة، التي يعتبرها بيئات حاضنة للمقاومة، لا بل ولدت فيها منذ زمن الإمام السيد موسى الصدر، الذي أطلق "أفواج المقاومة اللبنانيةِ - أمل"، للدِّفاع عن الجنوب بوجه العدوِّ الإسرائيليِّ، الذي كان يتوغَّل في المدن والبلداتِ والقرى، يعتدي عليها بالقصف وتدمير المنازل وسرقة المحاصيل والمياه.
فالتَّدمير والإبادة، هما من عقيدة الصَّهاينة التّوراتيّة - التّلموديّة، عملًا بشعار أطلقته "الحركة الصّهيونيّة"، وهو "أرض بلا شعب لشعبٍ بلا أرض"، وما يقوم به العدوُّ الإسرائيليُّ من تدمير كامل وشامل للبلدات والقرى، وإبادة الشَّعب في فلسطين ولبنان وتهجيره، هو تنفيذ لهذا الشّٓعار، لاحتلال الأرض والمجيء بيهود من العالم للاستيطان في "أرض الميعاد" التي وعد إله اليهود يهوه شعبه المختار في أرض "إسرائيل الكبرى" التي تمتد حدودها من "الفرات إلى النيل".
فالحرب الإسرائيليّة التي أرادها العدوُّ الإسرائيليُّ ووسَّعها، ما هي إلَّا لتحقيق هدف إقامة "إسرائيل الكبرى" الذي تنفِّذه حكومة ائتلافيّة من أحزاب دينيّة متطرِّفة رأى فيها نتنياهو أنها تتطابق مع ما يفكِّر به للكيان الصُّهيوني وهو "أمّة أو مكان تحت الشَّمس" ولن يتراجع عن تحقيق هدفه الدِّيني التَّوراتي الذي يمنعه من وقف الحرب التي يعتبرها وجوديّة، فأقرّ الكنيست الإسرائيليّ، الذي فيه الأكثريّة للأحزاب الدّينيّة، بعدم وجود دولة سوى "إسرائيل"، ولا وجود لدول أخرى من ضمن "أرض إسرائيل" الممتدَّة من "الفرات إلى النيل".
وبإقرار الكنيست الإسرائيليّ، عن وجود دولة إسرائيل فقط، يكون أسقط من يدعو إلى قيام دولتين، الإسرائيليّة والفلسطينيّة، ويوهم نفسه أنه مع العدوّ الإسرائيليِّ يصل إلى تسوية.