ربى اليوسف - خاصّ الأفضل نيوز
هي سحمر ..
امتداد القتال والدم منذ مجزرة 1984 على يد أنطوان لحد .. إلى عناقيد الغضب في الـ "1996".. شريكة النصر في الـ "2000" والـ "2006" ومنبع المقاومة والمقاومين، فكانت تقود حركتها الثورية كأميرة من أميرات ليتوانيا، كـ "فيرا غيدرويتس".
ربما تظنها خرجت من مقاطعة "سلوبوديشتج"، تدير حلقة ثورية لرفض الظلم نيابة عن العرب، فكيف لبلدة صغيرة تتربع على ضفاف نهر سحري، أن تقاوم وتسكت دول عربية بحالها، ومالها وملايينها ، بجماهيرها عن واقع واضح للأعمى/ وبات واضحًا للأعمى.
بعيون شبابها المطفأة في حادثة "البيجر"، كانت ترى الحقيقة كما هي، فوضع العدو الإسرائيلي "راسو من راسها"، حتى كانت أكثر قرى البقاع الغربي تعرضًا للقصف والغارات منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان.. فسحمر تعرف عدوها وعدوها يعرفها .
وللأميرات طبع الكبرياء، متوارث بينهن.. طبع سخي وكريم ومعطاء.. فلم تبخل في تقديم أبنائها وأهلها وبيوتها وطرقاتها ومؤسساتها وكانت نموذجًا مصغرًا للكنيسة البتول المزينة بكل فضيلة.
ومن فضائلها
أنها قدمت عشرات الشهداء.. طالها الدمار والخراب من كل حدب وصوب، إلى درجة تظن أنك في مشهد مؤطر من مشاهد فيلم الرعب (فرانكنشتاين).
وكان العدو يلعب دور الوحش "تشارلز أوجول"، يحول كل جميل فيها إلى قبيح.. حاول، ولم يحوّل، فتلك البلدة تعرف كيف تصنع جمالها وكيف تنهض، وتلك الصلبان التي حاول جيش "ماركوس" الثاني، العائد من جديد نصبها على طول الطريق العام لصلبها.. نزعتها.
هكذا سحمر، كانت تقاوم، وتقارع الاحتلال.. بعصبات شبابها المربوطة إلى آخر النهر، بفساتين صباياها المورّدة كـ "وجه مريم" ذات صباح في كنيسة سانت كرونان.. بالصاج والزعتر .. وتلك اللهجة المنسابة مثل عين "الضيعة" ... التي يحاول بعض "المستثقفين" - حديثي الحضارة النيل منها/ والنيل من الشيء يكون بالسخرية منه.
هنا الحضارة متجذرة في الأرض، في التراب، في الزيت والزيتون.. في الأيدي المشققة، مثل علامة نصر، في الأقدام الصلبة كـ "جبل الشيخ".. كلما سلمت عليه هي ولبايا.
فـ "سبارتاكوس" لم يمت ولم يهزم.. لأنها كانت دائمًا حربًا ضد العبودية.. ضد الاستعمار والاستكبار والتشييء مقابل نزع الأنسنة عن كل شيء.. منذ هنودك الحمر يا أمريكا.
وكانت سحمر..
كانت فصيحة اللسان، مملوءة جرأة لكن في احتشام وأدب.. وكانت قديسة البقاع الغربي، نزف دمها.. ولم يره أحد.
نحن رأيناه، وحملناه إلى آخر النهر.. رفعناه إلى الرب وقلنا: تقبل.. دمنا المسفوك على مذبح الحق، ضريبة قول الـ "لا".. إنها "سحمر" وجمالها جمال القديسة تكلا يا بولس، يوم ألقوها وسط الوحوش المفترسة في إنطاكية، تنهشها.. ويوم ربطوا في أقدامها ثورين هائجين، ويوم ألقيت في جب به ثعابين سامة فلم يصبها أذى.
ولا يصيبك أذى، وأنت تقاومين .. تدفعين الظلم عن أبنائك إلى جانب الليطاني، "ويا رايح صوب بلادي دخلك وصللي السلام.. بلغ أهلي وولادي مشتقلن رف الحمام".

alafdal-news
