نوال أبو حيدر_خاصّ الأفضل نيوز
منذ الأزمة الاقتصادية المستفحلة في لبنان تعلو صرخة المواطن الذي بات يتوجع من آلاف الأسباب وفي مقدمتها الغلاء وارتفاع الأسعار تحديدًا التي تزداد بشكل غير معقول يومًا عن يوم، مما يثير تساؤل الجميع من دون استثناء عما يحصل على أرض الواقع وهل هذا الارتفاع هو أمر طبيعي في ظل قدرة شرائية متدنية جدًا للمواطن.
إذ تقف الحكومة اللّبنانية اليوم أمام تحدّ كبير، إزاء ما يتردد عن كونها حكومة الآمال والتغيير والإصلاحات، وكونها ستتعاطى مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية، في وقتٍ يبدو أن تضخّم الأسعار يواصل المسار من دون توقّف.
بهذا الشكل انتقل التضخّم من كونه مشكلة نقدية تتعلق بانهيار سعر الصرف إلى كونه مشكلة اقتصادية حقيقية، فالأسعار ترتفع في السوق بشكل مستمرّ من دون تفسير واضح لذلك.
أسباب الغلاء والتضخم... ما هي؟
في هذا الإطار، يوضح الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنيس أبو دياب في حديثٍ ل "الأفضل نيوز" أنّه " مقارنةً بالعام 2019 والعام 2025 ارتفعت الأسعار حوالي ال65 مرّة، والأسباب في البداية واضحة وتعود لأسباب نقدية وتراجع في أسعار سعر الصرف وانهيار سعر الليرة اللبنانية مُقابل الدولار وبالتالي فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها، ما انعكس على الارتفاع الشديد في الأسعار، والملفت أنه خلال أواخر العام 2024 ارتفعت الأسعار حوالي ال11% تقريبًا".
ويضيف: "لا ننسى أن مراقبة الأسعار من قبل جمعية حماية المستهلكين من الأسباب المهمة للتضخم والتي يجب أن تقوم بدورها كاملاً".
التضخم... من مشكلة نقدية إلى مشكلة اقتصادية عميقة!
يلفت أبو دياب إلى أنّ "اليوم تحوّلت هذه المشكلة النقدية إلى مشكلة اقتصادية عميقة لأننا ما زلنا نشهد ارتفاعًا في الأسعار وتضخمًا، على الرغم من أن لبنان يستورد 80% من السلع".
ويتابع: "في المرحلة الأخيرة، أي منذ العام 2023 حتى العام 2024 استقر سعر صرف الدولار في لبنان، كما وبدأ التضخم على المستوى العالمي بالتراجع ولكن في لبنان بقيت الأمور على ما هي عليه، لأن التجار يحاولون رفع الأسعار لزيادة أرباح إضافية ولتعويض ما فاتهم في مرحلة من المراحل، بالإضافة إلى الاحتكارات الموجودة في الأسواق ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ولكن في المقابل هذا الأمر مؤذٍ للاقتصاد اللبناني لأنه يخفض القدرة التنافسية للاقتصاد وللصناعة الوطنية بسبب ارتفاع الأعباء والتكاليف وطبعًا يؤدي إلى التضخم الذي نعاني منه اليوم".
خطط إصلاحية...
يتطرّق أبو دياب إلى كيفية التعاطي مع هذه المشكلة، إذ يرى أنّه "لا بد من تحسين القدرة الشرائية للمواطن من جهة، ومن جهة أخرى الاستقرار النقدي الحاصل من قبل المصرف المركزي لا يكفي لضبط التضخم ولا بد من التزاوج ما بين السياسة النقدية والسياسة المالية، والمقصود بالسياسة المالية تحسين الجبايات الضريبية والرسوم الجمركية وتحسين إيرادات الدولة وتحسين العلاقة ما بين المصرف المركزي ووزارة المال، جميعها تؤدي إلى تراجع هذا التضخم".
متى ينتهي هذا "الكابوس"؟
يعتبر أبو دياب أنّه "يجب أولاً انتظار تعيين حاكم لمصرف لبنان لمعرفة السياسة النقدية التي ستتبع ويجب انتظار إعادة النظر بموازنة 2025 لمعرفة السياسات المنتظرة، فلن نشهد هذا التحسن بضبط الأسعار قبل فترة الصيف".