طارق ترشيشي - خاص الأفضل نيوز
بعد أيام تقر الحكومة بيانها الوزاري بلا أي معوقات تذكر لتمثل به لاحقًا أمام مجلس النواب لنيل الثقة النيابية ومن ثم تنطلق إلى العمل مكتملة المواصفات والصلاحيات الدستورية.
وثبت بالمواقف والوقائع حتى الآن أن البيان الوزاري الذي يجمع كثيرون على أنه سيكون مقتضبًا، سيتضمن إعادة صياغة لمضمون "خطاب القسم" الرئاسي الذي لقي ترحيبًا نيابيًّا واسعًا يوم ألقاه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إثر انتخابه في 9 كانون الثاني الفائت في مجلس النواب، وجاء شاملاً لكل ما هو مطلوب إنجازه من إصلاحات سياسية واقتصادية ومالية وإداريّة مطلوبة داخليًّا ودوليًّا، وصولًا إلى التشديد على حصرية السلاح بيد الدولة مقرونة بإقرار "استراتيجة للدفاع الوطني" لحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيليّة ستكون أحد أبرز بنود جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني الذي سيدعو إليه رئيس الجمهورية في موعد ليس ببعيد.
وفي الوقت الذي يتحدث بعض الوزراء والسياسيين عن أن موضوع المقاومة سيكون البند الوحيد الذي قد يأخذ حيزًا كبيرًا من الجدل والنقاش خلال صياغة البيان الوزاري بواسطة اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء في جلسته الأولى لهذه الغاية، فإن المتوقع أن لا يكون هناك أي نقاش أو سجال يذكر في هذا الصدد طالما أنه ستكون هناك عودة إلى "الكتاب، أي اتفاق الطائف والدستور الذي انبثق منه" حسب قول رئيس الحكومة نواف سلام بعد أول اجتماع له مع رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال الاستشارات النيابية والسياسية غير الملزمة التي أجراها لتأليف حكومته.
ويقول الكتاب، أي "اتفاق الطائف" في البند "ثالثًاـ تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي" الآتي: "استعادة سلطة الدولة حتى الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً تتطلب الآتي:
أ- العمل على تنفيذ القرار 425 وسائر قرارات مجلس الأمن الدولي القاضية بإزالة الاحتلال الإسرائيلي إزالة شاملة.
ب- التمسك باتفاقية الهدنة الموقعة في 23 مارس/آذار 1949م.
ج- اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً والعمل على تدعيم وجود قوات الطوارئ الدولية في الجنوب اللبناني لتأمين الانسحاب الإسرائيلي ولإتاحة الفرصة لعودة الأمن والاستقرار إلى منطقة الحدود".
والواقع أن القرار 425 لم تلتزمه إسرائيل كاملًا عند انسحابها أمام ضربات المقاومة عام 2000 إذا بقيت تخرق الحدود اللبنانية في 13 نقطة واستمرت في هذا الخرق بعد حرب العام 2006 وإلى اليوم، فضلًا عن أنها لم تنسحب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا بحجة أنها "غير خاضعة للقرار 425" أو أنها "أراض سورية"، في حين أن القرار 1701 يقضي بأن تنسحب إسرائيل منها ومن النقاط 13 بدءًا من نقطة “B1” في رأس الناقورة.
وواضح من المواقف أن ثنائي حركة "أمل" وحزب الله لن يناقشا كثيرًا في موضوع إيراد اسم المقاومة مباشرة وبنحو واضح في البيان الوزاري لأن نص "اتفاق الطائف" واضح في هذا الأمر فهو يتحدث عن "اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً(...)". وهذه الإجراءات قد تكون مقاومة عسكرية وقد تكون مقاومة ديبلوماسية طالما أن الهدف هو تحرير الأرض الذي هو حق تقره كل القوانين والمواثيق والأعراف الدولية لكل شعب تتعرض أرضه للاحتلال من عدو خارجي.
وما يشير إلى أن الثنائي لن يناقش كثيرًا في هذا الموضوع ولن يتسبب بأي تأخير في إعداد البيان الوزاري هو الموقف الذي أعلنه عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب إيهاب حمادة خلال تأبين عدد من الشهداء في بلدة زبقين الجنوبية، حيث قال: "أن المقاومة ليست حبراً على ورق، كما يروج البعض بشأن البيان الوزاري الذي يُزعم أنه يستهدف المقاومة". وأضاف "أن المقاومة هي سلوك حي يتجسد في كل لحظة، ولا تحتاج إلى تأكيد من خلال بيانات مكتوبة"، مؤكدًا أنه "عندما تكون أرضنا محتلة، فكل كلام لا يعادل الحبر الذي كتب فيه أو الورق الذي كتب عليه".
وتستنتج الأوساط من هذا الموقف أن المقاومة لتحرير الأرض لا تنتظر ترخيصًا من بيان وزاري أو حكومة لكي تعمل على تحرير الأرض واتفاق الطائف قال بـ"اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها" ثم قال (...) "ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً والعمل على تدعيم وجود قوات الطوارئ الدولية في الجنوب اللبناني لتأمين الانسحاب الإسرائيلي ولإتاحة الفرصة لعودة الأمن والاستقرار إلى منطقة الحدود".
ويبدو أن موقف الثنائي من موضوع ذكر المقاومة من عدمه في البيان الوزاري سيقطع الطريق على من سيحاول اتخاذه منصة للمزايدة أو لمحاولة تحميل المقاومة المسؤولية عن نتائج عدوان عملت له إسرائيل منذ عشرات السنين إذ منذ ما قبل عملية "طوفان الأقصى" و"حرب الإسناد". ولذلك ستقلع الحكومة السلامية بلا أي معوقات ولكنها ستكون تحت المجهر بل تحت الامتحان سواء في موضوع تحرير الأرض أو في موضوع وعودها بإنهاض لبنان من الهاوية التي سقط فيها،... و"عند الامتحان سيكرم المرء أو يهان".