ليديا أبودرغم – خاصّ الأفضل نيوز
لا يُستبعد أن يكون ما طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول تهجير سكان غزة مجرد خطوة أولى في خطة أوسع بكثير من المعلن، وقد تتغير ملامحها مع الوقت، بعدما يكون قد فتح الباب أمام استراتيجية شاملة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، الذي هو مشروع استعماري صهيوني، يعني سلب الهوية والأرض والموارد، وهو الصيغة الجيو- سياسية المقدمة من قبل الصهيونية لتكون بديلاً للهوية القومية للمنطقة، والذي عبر التاريخ أخذ يكبر ويرسخ ويسعى لفرض السوق الشرق أوسطية التي تلحق المنطقة اقتصادياً بـ "إسرائيل"، وتجعل أهلها، مجرد أفواه وسواعد في خدمة رأس المال الصهيوني والغربي.
وفي هذا المشروع الشرق -أوسطي، يخطط الصهاينة، وبدعم من الولايات المتحدة الأميركية والدول الاستعمارية الأخرى، وعلى أنقاض التشتت العربي ليصبح الكيان الصهيوني القطب الاقتصادي المهيمن على أسواق المنطقة ووكيلاً حصرياً لتلك الدول بعد أن تمّ تحويلها إلى ورشة تصنيع متطورة لغزو المنطقة.
هذا المشروع يستهدف المنطقة كلها، لأن العدو الصهيوني ليس مجرد منافس تجاري ، بل إنه صاحب مشروع عنصري استيطاني توسعي طامح للسيطرة على الأرض والموارد، ويستهدف إحلال جماعاته المستوطنة مكان الشعب الفلسطيني المغتصب أرضه، كهدف ملازم لطبيعته الاستيطانية، كما يطمح أيضاً للسيطرة على المنطقة الممتدة من الفرات إلى النيل، وله دور محسوب في الاستراتيجية الأميركية في المنطقة الممتدة من آسيا الوسطى حتى المنطقة العربية، ووكيل للمصالح الأميركية في العالم.
وتداعيات ما حدث في غزة، وجنوب لبنان، وسوريا قد تكون مجرد بداية لتحولات استراتيجية أعمق، تتجاوز ما شهده الشرق الأوسط في بدايات القرن العشرين، حين أعادت القوى الدولية رسم خريطة المنطقة عبر اتفاقية سايكس - بيكو وانهيار الإمبراطورية العثمانية.
الملاحظ، من مجريات الأمور في سوريا، ولبنان، وغزة والسودان وتكاثف الحديث، وكثرة الأطروحات والتحليلات السياسية، أن الحلول النهائية والناجعة تتجه باتجاه تقسيم العالم العربي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية من أجل تنفيذ مخطط تحقيق حلم دولة "إسرائيل الكبرى"، والسيطرة على الأماكن الغنية بالنفط والثروات الطبيعية تنفيذاً لرؤية ترامب الاقتصادية.