أماني النَّجار _ خاصّ الأفضل نيوز
فيما ينتظرُ الكثيرونَ في أنحاء العالَم فصلَ الشِّتاء؛ لأنه يُضْفي جوًّا من الرّومانسيّة، وأجواءً جميلةً على حياتهم، إلّا أنّهُ يُضفي مشهدًا دراميًّا في لبنان.
مشهدٌ يتكرّر في كلِّ عامٍ مع سقوط الأمطار. وهذا العام، هطلَت الأمطار الأولى فغرِق لبنان، واجتاحَت السّيولُ بعضَ مناطقه، التي تسبّبت بأضرارٍ، وبزحمة سيرٍ، خَنقَت المُواطنينَ لساعات، فتحوّلت الطّرقاتُ إلى مستنقعاتِ مياهٍ. وكالعادة المُواطنُ هو الضّحيّة، في ظلّ تقاذف المسؤوليّات بين وزارة الأشغال والنّقل من جهة، والبلديّات من جهةٍ أُخرى.
في حديثٍ خاصّ للأفضل نيوز مع مدير مكتب وزير الأشغال العامّة والنّقل علي حميّة الدكتور مؤنس فضل الله، قال: "إنّ فِرَقَ متعهدّي الوزارة ستبقى على أهبَة الاستعداد، وعلى أتمّ الجهوزية لمواجهة أيِّ أمرٍ طارئٍ قد يُحدِث جرّاء ذلك، وما زِلنا نقوم بعمليّة فحصٍّ متجدّدٍ لمجاري تصريف مياه الأمطار على الأوتوسترادات كافة، وكذلك على المصّبات البحريّة جميعها، بإشراف لجانٍ مختصّة تمَّ تكليفها من قِبل الوزارة؛ لمتابعة كلِّ ما يتعلّق بأشغال التعزيل على الأوتوسترادات: خلدة، الناقورة، الزّهراني والنّبطيّة والإشراف عليها ومتابعتها".
ونوّه فضل الله: "على ضرورةِ التزام المواطنين بعدم رمي النُّفايات منعًاk لحدوث فيضانات على الطّرقات، والحضّ على العمل المستمرّ مع البلديّات ومتعهدّي رفع النّفايات، قبل وخلال وبعد المنخفض؛ صونًا للسّلامة العامّة والمروريّة".
النّفاياتُ وصلت إلى كلّ المناطق، وأيضًا إلى مجاري الأنهار وخطورتُها ستتصاعدُ كلَّ يوم ممّا يهدّدُ بمشاكل بيئيٍّة على مستوى عالٍ من الخطورة، خصوصًا أننا ما زلنا في بدايةِ موسم الشّتاء.
وفي مقابلةٍ خاصّة لموقعنا مع المدير العام لمركز وزارة الأشغال العامّة وليد مساعد قال: "لا شكّ أنه يوجد تقصيرٌ من قِبل الجهات المَعنية، ولكنَّ السّببَ الأكبر هو المُواطِن اللّبنانيّ؛ نتيجة رميِه للنّفايات على الطّرقات، وهذا دليلٌ على قلّة الوعي والثّقافة لدى بعضهم".
وتابع مساعد: "إنّ الأمطار والنّفايات ستشكّلان سويًّا البيئةَ الأنسب لانتشار الأوبئة، ونموّ أنواعٍ من القوارض والبكتيريا، وهو ما يهدّدُ بأمراضٍ خطيرة يأتي أبرزُها الكوليرا والسِّل".
ضبيّه، جلّ الدّيب والزّلقا، هي من أكثر المناطق التي أغرقَتها الأمطار، حيثُ أبدى المُواطنون غضبَهم، فتوقف السّير على الأوتوستراد السّاحليّ؛ ما تسبّب بأعطالٍ في عددٍ من السّيارات. في هذا السّياق تحدّثنا مع المُواطن بلال قاسم الذي "أسِفَ للمعاناة السّنويّة الناتِجة عن عدم وجود بُنيةٍ تحتيّةٍ وأقنية كافية ونظيفة لتصريف مياه الأمطار، حوّلَت الطّرقات إلى بحيراتٍ موحِلة"، مضيفًا: "لقد احتُجِزْتُ في السّيارة لمدّة ساعتين تقريبًا، وانزلقَت بعضُ السّيارات، وعمِلَت فِرَق الدّفاع المدني على مساعدتِها".
وناشدَ الدَّولة والوزارة المعنيّة بالقول: "لقد سئِمنا من رائحة الفشل التي وصلَت إلى أبعد حدود".
يُعتبر المطر نعمةً ربّانيّة لفلترَة النظاّم البيئيّ، ولكن في لبنان يتحوّل المطر إلى نَقمة، فالبُنى التّحتيّة غير جاهزة لاستقباله، قبل اتّخاذ خطوةِ تنظيف النفايات والأتربة، فعلى الرَّغم من هذه النّعمة بات الشِّتاءُ ضيفًا ثقيلًا وتَذكِرةً للدَّولة علَّها تصحو من غفوتِها التّي دامَت منذ العام ١٩٩٤، ليسألها عن الخطّة الشاملة لمياه الأمطار، والتي لم تنفّذ حتّى الآن.