زياد العسل _ الأفضل نيوز
لا يمكنُ البتّةُ الإنكارُ أنه بفضل مواقع التّواصلِ الاجتماعيّ، تحوَّلَ هذا الكونُ العظيمُ لقريةٍ كونيةٍ متماسكة. فعلى صعيدِ التّواصل، تتيحُ للمرءِ أن يدركَ المعلومات في أيِّ زمانٍ ومكانٍ، وأن يتواصلَ في اللحظةِ عينها مع غيره ، وكأنَّ هذه الشاشةَ الصغيرةَ قد اختصرت الكون في جهازٍ صغير.
ولكن، ورغم هذا التطور المعرفيِّ والثقافيِّ والتكنولوجيِّ الكبير، إلا أنّه ثمةَ من يقرأ في وسائل التواصل بُعدًا آخر، قد جعلَ المنظومةَ الأخلاقية والقيمية تضمحلُّ يومًا بعد يوم. وقد جُعلَ هذا النظامُ من العلاقات الاجتماعية حكرًا على أفراح أو أتراح. وقد ربطَ ذوي القربى بشاشة هاتفٍ أو حاسوب، وهذا عدا عن المشاكل الأسرية والزوجية، واستخدام المواقع المهمة Facebook وtwitter وinstagram وسواها، منصاتٍ لشتم الآخر ونبذه، وإعلان حروب مفتوحة تجاهه، الأمر الذي غير معادلاتٍ كبيرة، فباتت هذه المواقعُ أشبهَ بحلبات قتال وصراعٍ كبيرة جدًا.
ومن إيجابياتِ هذه المواقع التي لا بدَّ أن تذكر هي معرفة أخبار العالم والتواصل مع الآخرين وحرية التعبير عن الرأي، وتعزيز المساندة والتعاون والمساهمة في عملية التعليم الذاتي، والبحث عن فرص عمل، والتطور والتسويق والربح، والدعوة لله وللقيم الإنسانية النبيلة والعظيمة.
تقولُ غيداءُ وهي مدرّسة: "إنَّ التعليمَ من بُعد رغم مساوئه، إلا أنَّ عاملَ التقنية يستطيع أن يوفر على الإنسان ثمنَ النقل الباهظ سواء إن كان طالبًا أو معلمًا، وأنَّ تقنياتِ التعليم الحديثة عبر الإنترنت غيرت مشهدَ ومسارَ التعليم بشكلٍ كبيرٍ، وساهمت في نقله إلى مصافِّ التعليم الخلاق والمنتج حقًا.
أبو داني (أبّ لولدين المرحلة الثانوية) يعتبر أنَّ وسائلَ التواصل تهددُ حياة ولديه ومستقبلهما المهنيِّ والثقافيِّ والاجتماعيّ، وهو في حالةِ صراعٍ دائمٍ معهما في هذا الصدد، ولكن يخشى أن يكون العصر الرقميُّ قد غلبَ حرصَه الشديدَ على الأبناء.
الأمرُ الأكيدُ أنَّ وسائلَ التواصل باتت قدرًا لا خيارًا، ولكنَّ الأكيدَ أيضًا أنَّ الإنسانَ الذي أعطيَ ملكةَ التَّحكمِ في الأشياء، يستطيعُ أن يسيّرَ هذه الوسائل في خدمته وخدمة البشرية جمعاء، دون أن تكون منصاتِ حقدٍ وكيدٍ وشتائم وفرقة وتدمير للإنسان والمجتمع.