أماني النَّجار _ خاصّ الأفضل نيوز
ما هو الأدب؟ وكيف نقرأه؟ وما هي أهميَّته؟. مجموعةٌ من الأسئلة التي تُطرَح حول الأدب وقيمته في حياة الإنسان. وكلمةُ الأدب بصورةٍ عامّةٍ تُستخدم لوصف أيّ شيءٍ من الكتابة الإبداعيَّة المرتبطة بالمخيِّلة، التي يندرِج تحتها الشّعرُ والمسرحُ وأدب الواقع والخيال.
ويبرز في الآونة الأخيرة تشجيعٌ لتعليم المواد العلميَّة، على أهميَّتها دون سواها، والاستخفافُ بالموادّ الأدبيَّة والاجتماعيَّة، وهذا التَّوجُّه عامٌ وعارمٌ، ومع إقفال المدارسِ بسبب الكورونا، وما تبعَها من تحرُّر للطّلاب من هيبة المدرسة والأستاذ، وما للتّعليم عن بُعد من مساوئ جمَّة، لا سيّما طريقة التَّقييم غير المتبلورة لغايةِ اليوم، والاستعاضة عنها بالإفادات، سنكون أمام جيلٍ أُمّيّ، جيلٍ من الأطّبّاء والألكترونيين الأشبه بالرّوبوتات، وسنتعثر بالأخطاء الإملائيَّة التّي يرتكبُها أطّباء وحقوقيّون ومهندسون، وستُصبح اللّغة العربيَّة في طريقها إلى الزّوال، (وما ذلّت لغةُ قومٍ إلاّ ذلوا)، وسيأتي أناسٌ مبهورون بالثّقافة الأجنبيَّة وأفكارها البعيدة كلّ البعد عن تراثنا وعاداتنا، وننسى قضايانا وديمومة ثقافتنا...
الطبيبُ يُداوي، والفيزيائيّ والمهندس يُسهمان في تطوُّر الدَّولة، لكن الجغرافيّ والحقوقيّ والفيلسوف والأديب، هم من يرسم سياسةَ العالمِ واستراتيجياته. وكلُّ ما وردَ سابقًا من اختصاصاتٍ علميّةٍ يُنفِّذ ما يُمليه هؤلاء، فالأساسيّات ثقافيّةٌ تاريخيّةٌ جغرافيَّةٌ فلسفيَّةٌ والثانويات علومٌ مساعدةٌ لِما نراه في هذا العالم.
صموئيل هنتغتون وبرنارد لويس وكيسنجر، وغاندي وعبد الناصر، وكارل ماركس ولينين هاوسهوفر وكانط ونيتشيه، لم يكونوا من دارسي العلوم، فاعقلوا قبل فوات الأوان.
من هُنا، فإنّ الأدب قادرٌ على تغيير رؤية الإنسان للحياة، سواءٌ من خلال ما حقّقه الأدباء من إنجازاتٍ قيّمةٍ ساهمَت في الارتقاء بثقافة ومفاهيم المجتمع، أو عبر سيَرِهم الذاتيَّة في الأدب الواقعيّ، والتي تُلقي الضوءَ على تجاربِهم المميّزة التي تُضافُ إلى تجربة الإنسان وثقافته.
وفي المحصّلة، فإنَّ الأدب مرآةٌ لكلِّ زمان ومكان، فما كُتب في التّاريخ غالبًا من باب قوّةٍ سياسيّةٍ، فهو مَرجعٌ أصدق وأغنى لمعرفة أحوال الناس وشؤونهم في مرحلةٍ زمنيَّةٍ ما. وهكذا فإنّ محتوى الأدب، أبعدُ من مضمونه الأدبيِّ المُرتبط بمعاني الكلمات وجماليّات التّعبير والصّياغة، فهو بمثابة الأسّس التّي تُغني الحياة وتضيف لها قيمة فوق قيمتها.
إن كان الأدب يُثري حياتَنا، فلِمَ تَخشاه فئةٌ كبيرةٌ من المجتمع؟ لِمَ ترَى فيه أعدادٌ كبيرةٌ من الأُسرِ تهديدًا لبُنية الأفكارِ ومنظومتِها، التّي يُمكن أن يكتسبها الأبناء في طور نمّوهم؟.