زياد العسل _ خاصّ الأفضل نيوز
حيث ذهبتَ في لبنان سمعتَ أصواتاً تطالب بالإصلاح، وفي نبراتِ هذه الأصوات الكثيرُ من العتب والإلحاح، وكأنّما الناسُ في بلادنا باتوا ينتظرون بصيصَ نورٍ وأملٍ، ولو كان في آخر هذا النَّفق الطَّويل الممتدِّ، الذي جنته علينا سياساتٌ ماليَّةٌ واقتصاديَّةٌ، وتهميش لقطاعاتٍ إنتاجيَّةٍ مهمّة، حيث تمَّ وضعها في ثلّاجة الانتظار، وتنشيط قطاع السّياحة والخدمات والمصارف التي استطاعت بجدارة كبيرة، أن تسرق جنى عمر اللبنانيين "، حتى يُخيَّل لك أنَّ هيروشيما وناكازاكي بمفعلوهما النَّووي ليسا أكثر وطأةً مما يشعر به كلُّ مودعٍ ومواطنٍ، سرقته مصارف وغشَّه حاكمها المركزيّ العبقري، الحائز على أعظم شهادات التاريخ في الاقتصاد!
في قراءةٍ واضحةٍ لما حصل منذ السابع عشر من تشرين حتى اليوم، ورغم أنَّ ثمةَ من كان حقيقيًّا في مطالبته ووجعه، إلا أنَّ المشروع كان واضحَ المعالم، بحيث ذهب الطيبيون ضحايا مشاريع تآمرية، لم يكن الهدف منها الا إيصالنا لهذه اللحظة المفصلية من عمر لبنان، و"الأنكى من ذلك" أنَّ الدولةَ العتيدة التي فعلت فعلتها وطبقت الإيعاز بانضباط تامّ، ما زالت عبر الناطقين باسمها تتحفنا يوميًا بأهمية العيش المشترك، والعبور نحو الدولة، والتوافق الوطنيِّ الذي ما عرفناه يومًا.
نَخالُ ونعتقدُ حتى لا نجزم، أنَّ في قلب كلِّ واحدٍ منا هيروشيما وناكازاكي، وفي عقل كلِّ مواطن حرِّ وحقيقيٍّ وسياديٍّ حقًا، هناك سؤالُ لا يتوقف، وهو من الذي جلب لشعب هذا الوطن كلَّ هذا الدمار؟.
لا شك أنَّ ذوي الألباب يدركون جيدًا من الذي فعل ذلك، ولكن نظامنا الطائفيَّ والمذهبيَّ المُطعمَ بالتعصب العائليِّ والحزبيّ، يحول دون مواهجتهم بشكلٍ واضحٍ وصريحٍ، ولكنَّ الوعي المتدفق من أزماتنا اليومية الكبرى مع لقمة العيش،سيميط اللثامَ عاجلًا أم آجلًا، مهما حاولت هذه القوى التي حكمت لعقود وضع يدها أمام شمس الحقيقة الناصعة!.