عبير حمدان - خاصّ الأفضل نيوز
نشر أحد المواطنين في يومياته "الفايسبوكية" معادلة حسابية بعنوان "النقطة الذهبية" محتسباً كلفة التدفئة في قرى البقاع في الثانية، هي ليست "نكتة" لاستحضار الضحك في زمنٍ صعبٍ، لا ، بل هو منهك إلى حدِّ القرف من كلِّ شيء، حيث أنَّ التدفئة في البقاع باتت لمن استطاعَ إليها سبيلاً، والأكثرية لا تستطيع.
وأتتِ المعادلةُ على هذا النحو:
"بحسابٍ بسيط لتكلفة التدفئة في المنازل في البقاع يتبين التالي :
أنَّ كلَّ منزل يحتاجُ في اليوم على أقل تقدير ربع تنكة مازوت أي ما يعادل ٥ ليتر ، وبهذا تكون التكلفةُ في الشهر على الشكل التالي :
٥ ليتر × ٣٠ يوم = ١٥٠ ليتر بالشهر
١٥٠ ÷ ٢٠ ليتر = ٧،٥ تنكة .
٧،٥ × ٨٥٠٠٠٠ حسب المحطة = ٦٣٧٥٠٠٠ ل. ل في الشهر .
٦٣٧٥٠٠٠ ÷ ٣٠ يوم = ٢١٢٥٠٠ ليرة لبنانية كل يوم
٢١٢٥٠٠ ÷ ٢٤ ساعة = ٨٨٥٥ ليرة كل ساعة
٨٨٥٥ ÷ ٦٠دقيقة = ١٤٧،٦ ليرة كل دقيقة
١٤٧،٦ ÷ ٦٠ = ٢،٤٥ ليرة كل ثانية…"
هو المضحكُ المبكي إلى أي دركٍ وصلنا لتصبحَ البديهياتُ من المستحيلات، حيث يقول أهالي المنطقة أنهم فقدوا الأمل لجهة توفر مادة المازوت ،وفي حال توفرت يكون سعرها خياليًّا في ظلِّ غياب الرقابة، فكان البديل الوحيد أمامهم "الحطب" حيث وصلَ سعر الطنِّ الواحد إلى ثمانية ملايين ليرة دون أي رقابة لجهة قطع الأشجار المعمرة، وبالتالي تتحول الجبال في معظم القرى إلى مساحاتٍ جرداء. كما أنَّ الأشجارَ المثمرةَ نالت نصيبها حيث عمد معظمُ المواطنين إلى قطع بساتين اللوز والمشمش والتين، ولكن ماذا بعد طالما الأزمة قائمة ولا أفقَ واضحًا لكلِّ ما نعانيه من انهيار مستمرّ؟
وصلَ الأمرُ بالأهالي إلى حرق ما أمكن للشعور بالدفء ومنهم من يقنن في التدفئة نهاراً بحيث يدعو غياب الغيم ويختار التنعم بخيوط الشمس التي لا تلغي فعل درجات الحرارة المنخفضة في هذا الفصل من العام.
هي مأساةٌ تتكررُ في ظلِّ غياب الحلول الجذرية وتردي الوضع الاقتصاديِّ في منطقة مهمشة وكأنها خارج حدود هذا الوطن رغم ما تختزنه من طاقات فكرية وثقافية وإبداعية وخيرات لو تمَّ استثمارها لقُلبت المقاييسُ وعادت بالخير على الجميع دون استثناء.