بكر حجازي- خاصّ الأفضل نيوز:
لقد تميزَ التاريخُ اللبنانيُّ الحديث، في ارتهان القوى السياسية المحلية إلى قوى إقليمية ودولية ،تحكم توازن الاقليم والصراعات الدولية التي تتخذ من منطقة الشرق الأوسط تجريبًا وتفجيرًا لمختلف أنواع الصراعات.
فحقبةُ الصراع بين حكومة فيشي وديغول، إلى عبد الناصر وحلف بغداد، والارتباط بحقبة الصراع السوڤياتي الأمريكي ،كلها عناوين لتسويات حصلت في الاقليم ترجمت في اختيار الرئيس اللبنانيِّ عندما كان رئيس الجمهورية يتمتع بصلاحيات ما قبل الطائف.
فلقد أتى اتفاق الطائف ليرسم تفاهماً سورياً سعودياً أطلق عليه اتفاق ال سين سين، يرعى نظام الحكم في لبنان، ولكن وبعد ضعف سوريا ،ودخول إيران على الخطّ، تغير على ما يبدو الاتفاق على دور لبنان في الاقليم، فالسعودية والتي أخرجت نفسها لبرهة من الزمن عن الساحة اللبنانية لتتفرغ إلى مفاوضات مع الإيرانيِّ حول اليمن بالدرجة الاولى ،تعود إلى الساحة اللبنانية لترعى فريقاً سياسياً أصبح مضعضعاً ،بفعل الافتقاد إلى القائد والراعي الرسمي.
هذا إضافةً إلى دخول الأمريكي بالمباشر إلى الساحة اللبنانية، فهو تارةً يرعى محادثات مباشرة بين لبنان والكيان الصهيونيِّ ليحقق إنجازاً بالطريقة الفورية، وطوراً يوكل الفرنسيَّ بالتشاور مع السعوديِّ وبعض من الدور القطريّ، للدخول إلى الساحة اللبنانية المفتوحة على كلِّ الاحتمالات من حصول معجزة الحلِّ أو كارثة الانحلال لكيان الدولة.
فبعد الانتخابات النيابية الماضية قررت الولاياتُ المتحدة الأمريكية، وبعد النتائج غير المرضية لها، أن تقوم بالضغط التغييري بمفهومها من أعلى الهرم ،أي من انتخاب رئيس للجمهورية بقلم صنع من النفط و الغاز وليس من أيِّ حبرٍ عاديّ، فهذا القلم النفطي اذا لم يتفق على مكوناته بين الجهات الدولية، وبين الاقليمية التي واذا اتفقت على ممرات النفط والغاز ومنابعها الجديدة في الشرق الأوسط، سيكون لنا رئيس للجمهورية بقلم النفط ورائحة الغاز السعيد المتجدد، طالما يرضى الاقليم ومن ورائه الدول المتصارعة على مصالحها في منطقة الشرق الأوسط.
أما ما نراه وحسب توصيف القوات اللبنانية من استعراض لنواب التغيير في مجلس النواب فهو لا يغني ولا يسمن من جوع، ولا يمكن أن يحرك في آبار النفط والغاز الراكدة والمُهَيَّأة الوحيدة لانتخاب الرئيس القادم وتأمين الاستقرار لازدهار الوطن المعذب لبنان....