كمال ذبيان - خاص الأفضل نيوز
يقترب لبنان من نهاية شهر أيار، ولم يدعُ رئيس مجلس النّواب نبيه بري لجلسة انتخاب رئيس الجمهوريّة، بعد عامٍ من تعليق جلسات الانتخاب، وكانت الأخيرة في ١٤ حزيران ٢٠٢٣، التي تنافس فيها مرشّحان، رئيس "تيّار المردة" سليمان فرنجية الذي نال ٥١ صوتًا، وهو مدعوم من الثّنائي "أمل" و"حزب اللّه" وحلفائهما، وحصل الوزير السّابق جهاد أزعور على ٥٩ صوتًا، وهو مرشّح "المعارضة" التي تقاطعت مع "التّيار الوطنيّ الحرّ" على اسم أزعور.
أمّا لماذا موعد ٣١ أيار، فقد حدّده السّفير المصري في لبنان علاء موسى، قبل نحو ثلاثة أسابيع، وأعلن أنّ هناك فرصة أن يجتمع مجلس النّواب وينتخب رئيسًا للجمهوريّة، بعد التّشاور أو الحوار، لكن لم يحصل أيّ تطوّر وفق ما رغب به السّفير موسى، وهو العضو في "اللّجنة الخماسيّة" والتي تضمُّ سفراء أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، حيث لم يتوقّف أعضاؤها عن اللّقاءات والاجتماعات والاتصالات، وزاروا أبرز الكتل النّيابيّة لحثّها على إنجاز الاستحقاق الرّئاسيّ، بعد مضي أكثر من عام ونصف العام على الشّغور في رئاسة الجمهوريّة، التي وفي تاريخ لبنان الحديث، لم تكن صناعة لبنانيّة، بل ما يقرّره الخارج أو يفرضه على القوى السّياسيّة اللّبنانيّة، التي كانت تتصارع وفق مصالح الدول ومشاريعها.
لذلك فإنّ موعد ٣١ أيار، كان لحثِّ النّوّاب، وليس للوصول إلى حلّ للأزمة الرّئاسيّة، التي بدأ بعض الأطراف، يتحدّثون عن أنّ مجلس النّواب الحالي، قد لا ينتخب رئيس الجمهورية، ممّا يفرض عليه التّمديد لنفسه لولاية جديدة، وهذا ما فعله في العام ٢٠١٣، وهو السيناريو الذي قد يتكرّر، مع هذا المجلس الذي مضى على انتخابه عامان، ولم يحقّق أيّ من الأطراف الأكثريّة النّيابيّة فيه، وهذا ما يعطّل انتخاب رئيس للجمهوريّة، لأنّ كلّ فريق لا يمكنه الحصول على الثّلثين من أصوات مجلس النّواب، في الدّورة الأولى، ولا على النّصف زائدًا واحدًا في الدّورة الثّانية.
من هنا، فإنّ رئاسة الجمهوريّة مؤجّلة، بالرّغم من محاولات دوليّةٍ وإقليميّة وعربية، لحصول الانتخاب، الذي سيبقى معلّقًا حتى تُحلّ حروب وأزمات أخرى من أوكرانيا إلى غزّة، ومعهما الأزمة التي لم تُحلّ في سوريا، والتي عاد العرب إليها، لكن أميركا وحلفاء لها، يرفصون حلّها، إلّا وفق شروطهم، إضافة إلى الحرب السّاخنة الدوليّة بين روسيا وأميركا، والباردة بين الصين وأميركا.
ويعوّل البعض على زيارة الموفد الرّئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، إلى لبنان، وماذا يحمل في جعبته، إذ فشلت فرنسا منذ تاريخ الانفجار في مرفأ بيروت، ومجيء رئيسها مانويل ماكرون، في إحداث تغيير في لبنان، فلم يتوقّف الموفدون الفرنسيون من الحضور إلى لبنان، منذ ٤ آب ٢٠٢٠، وحتى قبل ذلك، لكن زياراتهم باءت بالفشل، لأن أميركا تريد أن تنفرد بالقرار في لبنان، وهي استخدمت فرنسا، في تسويق مشاريعها، لكن بعض المصالح باعدت بينهما، لجهة اختيار المرشّح لرئاسة الجمهوريّة، فكانت فرنسا مع ترشيح سليمان فرنجية، لكن أميركا لم تكن مرتاحة إلى هذا التّرشيح الذي لم تقف ضدّه، ولكنّها تحبّذ وصول مرشّح خليفة لـ "حزب اللّه" وصديق مع الرئيس السّوري بشار الأسد.
وقمّة "النورماندي"، المتوقّعة بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الفرنسي مانويل ماكرون في ٦ حزيران القادم، فإن الأنظار تتّجه نحوها، وماذا سيخرج منها من قرارات وتفاهمات بين الدّولتينِ بما يخصّ أزمات في العالم، وحرب أوكرانيا وغزة، والوضع اللبناني، الذي سيبقى أسير المشاريع الخارجية، إذا لم يتوافق اللّبنانيّون على حصول الحوار بين مرجعيّاتهم السّياسيّة والحزبيّة، وحصول التّوافق على رئيس للجمهورية، فإن الدول ستفرض عليهم اسم الرئيس، كما حصل منذ العام ١٩٤٣، فجاء البريطانيون ببشارة الخوري رئيسًا للجمهورية، وعزلوا الرئيس إميل إده المدعوم من فرنسا التي كانت منتدبة على لبنان.
فلبنان يمرّ في الوقت الضائع رئاسيًّا، ويعلّق آمالًا أو رغبات، على قمة النورماندي، وقبلها على زيارة لودريان، وما أسفرت عنها لقاءات "اللّجنة الخماسيّة".

alafdal-news



