د.أكرم حمدان _خاصّ"الأفضل نيوز"
بعد رحلة السلام الكبرى التي نظمها مطلع التسعينيات مع نهاية الحرب وبداية مسيرة اتفاق الطائف إلى مدينة الشمس بعلبك والتي شارك فيها قرابة مئة ألف شخص من مختلف المناطق اللبنانية،نظم اتحاد الشباب الوطني (المؤسسة الشبابية والطلابية في المؤتمر الشعبي اللبناني) فرع طرابلس، رحلة كل لبنان إلى طرابلس، تحت عنوان وشعار"طرابلس تفتح قلبها لجميع اللبنانيين"، احتفالاً بإعلان طرابلس عاصمة الثقافة العربية لعام 2024،حيث شارك أكثر من ثلاثة آلاف شخص قدموا من مختلف المناطق اللبنانية وتجمعوا في ساحة جمال عبد الناصر،التل، ثم زاروا عشر مواقع أثرية شملت: المسجد المنصوري الكبير،كنيسة القديس مار جاورجيوس، خان الصابون،خان الخياطين، حمام عزالدين، سوق حراج، مسجد التوبة، قلعة طرابلس وخان العسكر.
وبعيدا عن المسار الرسمي لبدء الاحتفال الذي تحدث فيه كل من وزير الثقافة محمد وسام المرتضى ممثلا بمستشاره المحامي شوقي ساسين، رئيس بلدية طرابلس الدكتور رياض ومسؤول المؤتمر الشعبي اللبناني في طرابلس ورئيس اللجنة التنظيمية للرحلة المحامي عبد الناصر المصري، وكوني من الذين شاركوا في هذه الرحلة وهذا اليوم الوطني، أسمح لنفسي بتسجيل جملة من الوقائع المهمة لهذا الحدث التاريخي.
أولاً: إن المشاركين في هذه الرحلة وهذا النشاط المتميز كانوا من بيروت والهرمل وجبل لبنان وإقليم الخروب والعرقوب وعكار والمنية والضنية وزغرتا والكورة وشكا وجبيل وجونية وكسروان والمتن،وكان العنصر الأبرز بينهم هو الشباب وطلاب المدارس والثانويات والمهنيات والجامعات والكشافة.
ثانياً: أثبتت هذه الرحلة مقولة وزير الثقافة لجهة أنك "عندما تسير في طرابلس تكون في حالة تجول بين العصور" وأن طرابلس ليست العاصمة الثانية للبنان وحسب وإنما هي عاصمة دائمة للثقافة في لبنان، وهي ستبقى دائماً مدينة الثقافة واللقاء والحوار.
ثالثاً: رغم المطالب والمعاناة التي أثارها رئيس البلدية الدكتور رياض يمق، إلا أن ما يستحق التوقف عنده هو دعوته وزارة الخارجية للعمل على تعديل قرارات بعض الدول التي تمنع رعاياها من زيارة طرابلس،ما يُشكل مساهمة من هذه الدول بمحاصرة هذه المدينة العريقة وموقعها ودورها.
رابعاً: دعوة المشاركين في الرحلة لكي يكون كل واحد منهم سفيراً لطرابلس في منطقته ومدينته وبلدته وبين أهله.
خامساً: تأكيد من قبل اللجنة التنظيمية ورئيسها المحامي عبد الناصرالمصري بأن طرابلس كانت دائماً عنواناً للوحدة الوطنية والثقافة العربية، ورابطتها الثقافية ومنتدياتها وجمعياتها الأهلية تضج طيلة العام بأنشطة أدبية وفكرية تنطلق من ثوابتها العربية البعيدة عن الطائفية والمذهبية، فلا مكان في طرابلس لدعوات الانقسام والفرز لأن طرابلس كانت وستبقى ثغراً وطنياً عربياً يشع نوراً وحضارة.
سادساً: لم تغب غزة والمقاومة والجنوب اللبناني عن الحضور والمشاركة من خلال كلمة المصري الذي لم ينسَ المؤسس الراحل كمال شاتيلا في الذكرى السنوية الأولى لرحيله والذي كان يوصي دائماً بالشباب وتنظيم النشاطات الشبابية الوطنية الهادفة.
سابعاً: لا بد من شكر أصحاب المؤسسات التجارية والمطاعم الذين قدموا حوالي 300 هدية للمشاركين في الرحلة،والشكر الأكبر والتحية والتقدير لقادة وأعضاء اتحاد الشباب الوطني وكشاف الشباب الوطني واللجنة التنظيمية التي ضمت 200 متطوعٍ خصصوا أوقات مهمة للتحضير لهذا اليوم الوطني الجامع وكذلك لقادة وأعضاء الدفاع المدني الشعبي الذين رافقوا المشاركين في الرحلة أثناء تجوالهم.
في الخلاصة، ورغم الروعة في بعض زوايا ومحطات الأسواق القديمة وبساطتها وحتى أسعارها المتميزة التي قد يُحكى عنها لوحدها،تبقى أهمية هكذا مبادرات بأنها تُثبت بما لا يقبل الشك،بأن القوى والجهات القادرة على الجمع والتفاعل بين اللبنانيين،هي التي تؤمن بالوحدة الوطنية بلا تعصب أو تحزب أو فئوية أو مذهبية أو طائفية بغيضة، من مثل اتحاد الشباب الوطني.
لقد كانت رحلة أكثر من رائعة، وطرابلس تستحق أكثر على مختلف الأصعدة.