د.أكرم حمدان - خاصّ الأفضل نيوز
كشفت الموجة الأخيرة من العدوان الصهيوني واعتداءات جيش الاحتلال، على القرى والبلدات الجنوبية التي سبقت عيد الأضحى المبارك، والتي شهدت موجة من الحرائق التي طاولت العديد من الأراضي والأحراج والأشجار في عدد من القرى على خط المواجهة، كشفت تقصيرا كبيراً لدى عدد من الإدارات والوزارات، كما بينت أن البيروقراطية والروتين الإداري بين الوزارات والإدارات، أمر لا يُمكن تجاهله أو السكوت عنه، لأنه لا يجوز ولا يُمكن ومن غير المقبول مواجهة العدوان ونتائج الاعتداءات بهذه الطريقة البيروقراطية المقيتة.
لقد تابع كل لبنان وكل العالم عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي، الحرائق التي نتجت عن الاعتداءات الصهيونية في عدد من قرى الجنوب وخصوصاً على خطوط المواجهة وعلى الحدود مع فلسطين المحتلة، وكيف أطلقت المناشدات ونداءات الاستغاثة بسبب النقص الحاد في تجهيزات ومعدات مراكز الدفاع المدني المتواجدة في هذه المناطق.
إن العدو الذي يُمعن في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يُحاول أن يجعل من الجنوب أرضاً محروقة، فهذه قرى وبلدات،جناتا، دير قانون النهر، رميش ،يارون ،عديسة، كفركلا، راشيا الفخار، عيتا الشعب، علما الشعب، كفركلا، دير ميماس وبلدتي العزيزة شبعا وغيرها من القرى والبلدات الأخرى، خسرت مساحات شاسعة من أراضيها ومحاصيلها الزراعية بسبب الحرائق التي تسبب بها العدوان وأطلقت نداءات وجرت محاولات استمرت على مدى أكثر من 24 ساعة خصوصاً في شبعا، من أجل السيطرة وإخمادها، ما دفع إلى السؤال عن تجهيزات ومساعدة ومساندة عناصر ومراكز الدفاع المدني وخصوصاً مركزي شبعا وراشيا الفخار؟
إن المتابعة الحثيثة لمجريات ما جرى في تلك الليالي، كشف عقم البيروقراطية التي تُعاني منها إدارات ووزارات الدولة، وأحياناً بعض الأخطاء التي تكلف المواطنين الكثير الكثير، إذ إن هناك مراسلات بين وزارة الداخلية والبلديات ووزارة المالية عبر الأمانة العامة لمجلس الوزراء منذ بداية السنة وتحديداً شهر كانون الثاني 2024، من أجل نقل اعتماد بقيمة 59 مليار و850 مليون ليرة لصالح وزارة الداخلية والمديرية العامة للدفاع المدني، كمساهمة إضافية للتمكن من تلبية المهمات العملانية الطارئة الملقاة على عاتق مراكز الدفاع المدني وخصوصاً الواقعة في المناطق الجنوبية .
وبدأت المراسلات تلف وتدور على مدى أشهر ولم تُنجز العملية حتى الآن، سيما وأن نقل الاعتماد يجب أن يكون من موازنة الـ2024 وليس من موازنة 2023، بينما كلنا يعلم أن هناك خطة طوارئ أعدتها الحكومة ومن المفترض أن يتم التحرك في هكذا حالات من ضمن هذه الخطة ولا يتم انتظار الروتين الإداري، فالواجب الوطني يقتضي دعم الأهالي والأجهزة المعنية في كلّ المناطق المستهدفة في الجنوب، بكلّ الوسائل المتاحة، ويتطلب وجود خلية أزمة تواكب على مدار الساعة التطورات في الجنوب، فنحن في حالة حرب مع عدو شرس لا يُقيم أي اعتبار لحقوق الإنسان وليس لديه أدنى قيم وأخلاق.
إن ما جرى خلال مواكبة الحرائق الأخيرة وخصوصاً في شبعا، يجب أن يكون درساً لكل مسؤول مهما كان موقعه، كي يقوم بما هو مطلوب منه، كما يستدعي توجيه تحية تقدير واحترام، أولا لعناصر الدفاع المدني في مراكز المواجهة وخصوصا مركزي شبعا وراشيا الفخار، وكذلك عناصر ومتطوعي الجمعيات والمؤسسات الأهلية العاملة في الخطوط الأمامية وأبناء وشباب وفاعليات القرى المحيطة التي هبت للمساعدة والمساندة، وهذا ليس جديداً أو غريباً عليهم، وثانياً يقتضي تعزيز وتمتين الوحدة الداخلية وتجاوز كل التباينات السياسية وغير السياسية، ووضع حد للبيروقراطية لكي نتمكن من المواجهة، وأخيراً القيام بكل ما يلزم لتعزيز صمود الأهالي في تلك القرى والبلدات لأن المواجهة مع العدو ستبقى قائمة حتى استعادة الحقوق وتحرير الأرض المحتلة وخصوصاً في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.