محمد علوش - خاص الأفضل نيوز
بعد العرض المسرحي في الكونغرس الأميركي وحفلة الكذب والنفاق التي مارسها رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو والنواب الأميركيون، انتقل الصراع إلى مستوى جديد من خلال تنفيذ عمليات اغتيال كبرى في بيروت وطهران، أراد نتانياهو من خلالها تحقيق العديد من الأهداف على رأسها جرّ المنطقة إلى حرب، يكون أساسها بين أميركا وإيران.
رغبة نتانياهو بضرب أميركا لإيران، واستخدام القوة العسكرية ضد طهران لم يكن وليد طوفان الأقصى، فنذكر تماماً كيف كان موقف إسرائيل من الاتفاق النووي الإيراني، وما فعلته إسرائيل لتعطيل الاتفاق وضربه، وصولاً إلى خروج أميركا منه على عهد دونالد ترامب، وبالتالي فإن هذه الرغبة قديمة، يتم العمل عليها بفعالية خلال الحرب الحالية لأسباب تتعلق بوجود إسرائيل وبقائها، وحاجة نتانياهو إلى حرب يكون العالم أجمع طرفاً فيها ضد إيران ومحور المقاومة.
طبعاً لن يجد نتانياهو وقتاً أفضل من الوقت الحالي لهذه الحرب، فالدول لا تزال تتباكى على أحداث طوفان الأقصى، والجرائم الإسرائيلية مباحة، وجبهات الإسناد تعمل، والخطر على إسرائيل من كل مكان، وبالتالي هذه اللحظة بنظر نتانياهو مناسبة للحرب الكبرى في المنطقة، فهل هي كذلك بالنسبة للأميركيين؟
تحشد الولايات المتحدة قواها في الشرق الاوسط، ومؤخراً أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن نظيره غالانت بأنه أمر مجموعة حاملة الطائرات الأميركية أبراهام لينكولن الهجومية بتسريع وصولها إلى الشرق الأوسط، وغواصة الصواريخ الموجهة يو اس اس جورجيا إلى نطاق منطقة القيادة المركزية الوسطى، في مشهد يشبه ما حصل في تشرين الأول والثاني العام الماضي، ولكن هذا لا يعني أن الاميركيين يحشدون للحرب بل لتهديد الإيرانيين ودفعهم لتخفيض حجم الرد على اغتيال هنية.
من حيث المبدأ، وبحسب مصادر سياسية فإن الولايات المتحدة لا تزال تحرص على عدم الذهاب إلى حرب شاملة على مستوى المنطقة، نظراً إلى التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك على مستوى مصالحها أولاً وأمن إسرائيل ووجودها ثانياً، وهو ما دفعها في أكثر من مناسبة إلى محاولة منع خروج الأمور عن السيطرة، ولو أنها بكل تأكيد داعمة للحرب القائمة حالياً وتسعى لجر المحور لتنازلات كبيرة.
وتُشير المصادر إلى أنه في الأسابيع الماضية، برز تحد حقيقي في هذا المجال، تمثل بتداعيات عمليات الاغتيال التي أقدمت تل أبيب على ارتكابها، سواء في لبنان أو إيران، لكن واشنطن ظلت مصرة على معادلة منع توسع رقعة المواجهات نحو الحرب الشاملة، خصوصاً أنها تتجه، خلال وقت قصير، إلى الانشغال بأوضاعها الداخلية الانتخابية، مشددة على أن الحرب في المنطقة تبقى خيارًا طالما أن في المنطقة إسرائيل ومحورًا مقاومًا، ولكن الأمر يتعلق بالظروف والتوقيت، فلا الظروف اليوم متاحة للأميركيين للدخول في حرب كبيرة وطويلة ومكلفة للغاية وتتداخل فيها مصالح الصين وروسيا وأميركا، ولا الظروف متاحة للمحور للدخول بحرب كبيرة وأخيرة مع إسرائيل، كون المحور لا يزال في طور التقدم والتطور، والعالم بأكلمه مجتمع اليوم لحماية إسرائيل.
بناء على ما تقدم، يمكن التأكيد أن كل التعزيزات التي ترسلها أميركا إلى المنطقة تأتي في سياق الرسائل الردعية والتهديد، لا سيما أنها تسعى إلى الحفاظ على قنوات التواصل مع قيادات محور المقاومة، من أجل دفعها إلى تجنب الذهاب إلى ردود من الممكن أن تقود إلى تصعيد كبير.
الكل يتجنّب الحرب الكبرى، ولكن نعيش في ظروف قد تدفع الجميع إلى خيارات لا يرغبون بها، لذلك فالكل يتحضر للحرب ويتمنى ابتعادها.