طارق ترشيشي - خاص الأفضل نيوز
لا يبدو حتى الآن أن المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية حول الملف النووي الإيراني ستتوصل إلى اتفاق خصوصًا وأنها تجري في ظل تهديد إسرائيليٍّ بضرب المنشآت النووية الإيرانية، وقبل ذلك في ظل ضغط أميركي يضع إيران بين خياري القبول بالشروط الأميركية بتصفير تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية أو التعرض لعقوبات جديدة وصولًا إلى عملية عسكرية.
وقد اغتنم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلاميةِ الإيرانية السيد علي خامنئي مناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ورفاقه، ليتحدث عن المفاوضات النووية الأميركية الإيرانية، فقال: "لا نعتقد أنّ المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن ستفضي إلى نتيجة ولا نعلم ما سيحدث." مضيفًا أن "على الجانب الأميركي أن يوقف ترهاته تجاه المفاوضات غير المباشرة"، موضحًا "أن القول بأن أميركا لن تسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم هو خطأ كبير"، مؤكدًا "أن الجمهورية الإسلامية لا تنتظر الإذن من هذا أو ذاك للتخصيب".
وتقول مصادر دبلوماسية مطلعة على الموقف الإيراني لموقع "الأفضل نيوز" إن ما عبر عنه السيد خامنئي يشير إلى أن الموقف الأميركي من موضوع تخصيب اليورانيوم هو تصعيد لن تكون هناك مشكلة فيه حتى ولو أدى إلى وقف المفاوضات ولن تكون لدى إيران مشكلة في هذه الحال لأنها تتمسك بحقها في التخصيب على أرضها ولا يمكنها القبول بطرح "التخصيب الصفري" حتى لو أدى ذلك إلى تطير هذه المفاوضات.
وتضيف هذه المصادر لموقع "الأفضل نيوز" أن الجانب الأميركي هو من طرح في الجلسة الأخيرة موضوع التخصيب، الأمر الذي يطرحه في كل الجلسات السابقة وقد أدى إلى "شوشرة" حول جلسة المفاوضات الخامسة المقررة في روما غدًا، إذ سارع الأميركيون بعد الجلسة الرابعة إلى تظهير هذا الطرح في الإعلام وتصويره على أنه إنجاز، مع العلم أنه لم يطرح في خلال المفاوضات التقنية بل جيئ على ذكره على لسان الموفد الأميركي إلى المفاوضات ستيف ويتكوف ثم على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال جولته الخليجية الأخيرة حيث تحدث صراحة عن منع إيران من التخصيب ومن امتلاك السلاح النووي وهذا ما استدعى من السيد خامنئي الرد وتأكيد حق إيران بهذا التخصيب.
وتؤكد المصادر نفسها أن إيران منفتحة تقنيًّا على التفاوض في نسب التخصيب شرط أن يكون على أراضيها، بل أنها اقترحت ما سمته "حلًّا مبتكراً" في محاولة منها لتأكيد رغبتها في التوصل إلى اتفاق مع الجانب الأميركي، ويقضي هذا الحل بتشكيل "كونسرتيوم" للتخصيب يضم إيران والولايات المتحدة الأميركية ودولًا عربية وغربية بحيث أن هذا الكونسرتيوم يشرف على التخصيب خصوصًا أن لدى السعودية ودول أخرى محيطة بإيران برامج نووية للأغراض السلمية ولها مصلحة في هذا الكونسرتيوم إذا ما تم تشكيله.
لكن إيران، وحسب المصادر نفسها، ترى في التعنت الأميركي بمنع التخصيب على الأراضي الإيرانية دليلًا على أن واشنطن تريد إيقاف البرنامج النووي الإيراني من دون تقديم أي بديل منطقي يمكن لإيران أن تستفيد منه، في وقت لوحظ أن التغيير الأميركي الأخير في مسار المفاوضات تزامن مع سلوك مواز تمثل بفرض عقوبات جديدة على إيران وعلى أطراف حليفة له في المنطقة، ما يكشف عن عدم وجود جدية ونيات حسنة أميركية للتوصل إلى اتفاق. وكأن الأميركيين يحاولون الاستفادة من الأوضاع السائدة حاليًّا في المنطقة لتكثيف الضغوط على إيران لانتزاع تنازلات منها بلا مقابل.
وتشير المصادر إلى وجود دور إسرائيلي سلبي واضح اضطر معه ترامب قبيل الجلسة الأخيرة للمفاوضات إلى تغيير مسائل أساسية في العملية التفاوضية، وقد كشف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حجم الدور الإسرائيلي وتأثيره السلبي على المفاوضات عندما قال "أننا قد نصل إلى مرحلة نتصرف فيها بمعزل عن الولايات المتحدة الأميركية لوقف الخطر الإيراني على إسرائيل". في الوقت الذي نقل موقع "اكسيوس" الأميركي عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم أن إسرائيل تستعد لضرب منشآت إيران النووية إذا انهارت المفاوضات بين واشنطن وطهران. وزادوا "أن أي ضربة لإيران لن تكون واحدة بل ستكون حملة عسكرية تستمر أسبوعًا على الأقل. وأشاروا إلى أن نتنياهو"عقد اجتماعًا حساسًّا مع وزراء ومسؤولي الأمن والاستخبارات في شأن المفاوضات النووية" الجارية بين واشنطن وطهران.
ولذلك تقول المصادر الديبلوماسية أن لا أفق جديًّا يبنى عليه حتى الآن لتوقع توصل المفاوضات إلى اتفاق أميركيّ ـ إيراني فهذه المفاوضات ما تزال تدور بين مد وجزر والمنتظر أن تشهد المرحلة المقبلة منها تبادل طروحات وإن المبادىء العامة التي يتحرك الجانب الإيراني على أساسها لا تمنعه من الانفتاح على اتفاق بعناوين تقنية من دون وقف البرنامج النووي مبديًا الاستعداد لتقديم ما يريح الطرف الآخر من خلال هذه العناوين المتصلة بنسب تخصيب اليورانيوم ومكان تخزين اليورانيوم المخصب من دون الدخول في أي تفاوض على مسائل من شأنها وقف البرنامج النووي.