عماد مرمل -خاصّ الأفضل نيوز
حملت الضربة النوعية التي وجهها حزب الله إلى حيفا ومحيطها رسائل عدة في توقيت بالغ الأهمية. ويُفترض بالعدو أن يلتقطها ويقرأها جيدا إذا أراد أن لا يدفع غالبا ثمن الخطأ في تقديراته وحساباته.
أما الرسائل التي تناثرت مع شظايا صواريخ فادي 1 وفادي 2 فيمكن تفنيدها كالآتي:
_ اثبتت المقاومة وبالعين المجردة أن قيادتها التنظيمية وبنيتها العسكرية لا تزالان بخير ولم تفقدا تماسكهما وانتظامهما بعد هجمتي البيجر واللاسلكي والغارة التي استهدفت القائد الجهادي إبراهيم عقيل ورفاقه في الضاحية الجنوبية. ذلك أن هجوما كبيرا كالذي تعرضت له حيفا، وما يستوجبه من استعداد لرد إسرائيلي محتمل، لا يمكن أن يتم إذا كان الجسم العسكري للمقاومة متصدعا أو نظام التحكم والسيطرة متزعزعا.
_ أظهرت المقاومة أنها استطاعت سريعا احتواء الضربات القاسية التي تلقتها خلال الأيام الماضية وملء الفراغات المستجدة بالبدائل اللازمة وصولا إلى التكيف مع الواقع الطارئ واستعادة زمام المبادرة.
_ أفهمت المقاومة العدو بأنها لا تخشى من تعديل قواعد الاشتباك التقليدية وتستطيع أن تجاريه في مسار التخفف من الضوابط كما فعلت عملانيا عبر توسيع المدى الجغرافي للقصف الذي وصل إلى مسافة تبعد أكثر من 50 كيلومترًا عن الحدود اللبنانية، وعبر استخدام صواريخ جديدة وُضعت للمرة الأولى في الخدمة منذ بداية المواجهة في 8 اوكتوبر.
_ أرادت المقاومة من خلال هجومها غبر المسبوق أن تعرض نماذج أو عينات عما يمكنها فعله في داخل الكيان الإسرائيلي وعمقه الحيوي في حال اندلاع حرب شاملة، وبالتالي فإن الصواريخ التي وصلت إلى حيفا حملت تحذيرا إلى الاحتلال بأن الآتي أعظم إذا لم يرتدع.
_ أكدت المقاومة مجددا وهذه المرة بالدليل الميداني القاطع أنها على أتم الجهوزية للتعامل مع كل احتمالات التوسعة في المواجهة وأن على قيادة العدو أن لا تخطئ في فهم دلالات حرصها على ضبط النفس خلال المرحلة السابقة.
_ أسقطت المقاومة جدوى الغارات العنيفة والضربات الاستباقية التي يشنها الجيش الإسرائيلي للحؤول دون إطلاق الصواريخ على الكيان، وبالتالي فإن وهمه بأنه قادر على استعادة قوة الردع تهاوى مع بقاء كل شمال فلسطين المحتلة حتى حيفا في مرمى نيران حزب الله.
_ كرست المقاومة عبر قصف حيفا وجوارها معادلة أنه من الممنوع على المستوطنين العودة إلى مستعمرات الشمال قبل وقف العدوان على غزة. بل إن عدد النازحين سيزيد مع اتساع رقعة المواجهة ووصولها إلى مساحات إضافية في قلب دولة الاحتلال.
_ كشفت المقاومة قدرتها على "تسييل" الأهداف التي التقطها "الهدهد"، ومن ضمنها قاعدة ومطار رامات ديفيد ومجمعات الصناعات العسكرية لشركة رفائيل المتخصصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية، الأمر الذي يعني أن كل المرافق والمواقع الحيوية التي صورها "الهدهد" بأجزائه المتعددة تقع في دائرة الاستهداف المباشر.
_ عَكَس رد المقاومة سلوكا جمع بين الاتزان والشجاعة لدى قيادتها التي لا تزال تتصرف بحكمة بعيدا من الانفعال رغم كل شيء، وهذا ما يفسر اعتمادها خيار التصعيد المحسوب الذي يرمم توازن الردع، من دون الذهاب ابتداء إلى حرب واسعة.