عماد مرمل - خاصّ الأفضل نيوز
ارتفعت أخيرا في الداخل اللبناني أصوات سياسية وإعلامية تدعو علانية وصراحة إلى السلام والتطبيع مع العدو الإسرائيلي، تحت شعار كسر التابوهات والمحرمات.
وينطلق هؤلاء في "تبشيرهم" بالسلام مع دولة الاحتلال، وهرولتهم خلفه، من مقولة إن لبنان تعب من الحروب وإن عليه الالتحاق بقطار التحولات في المنطقة وحجز مقعد فيه، قبل فوات الأوان وضياع الفرصة!
لكن أصحاب هذا "الوهم" يتجاهلون في استعجالهم لإبرام السلام مع الكيان الإسرائيلي ونسج علاقات طبيعية به، الموانع الآتية:
_ إن العدو الإسرائيلي لا يزال يحتل جزءا من الجنوب وينتهك السيادة بشكل شبه يومي وينفذ اعتداءات واغتيالات متكررة ويبقي على عدد من الأسرى اللبنانيين في سجونه، وبالتالي فهو لم يوقف حربه على لبنان وإن كان يخوضها بالتقسيط، ما يعني أنه لا توجد أصلا بيئة أو أرضية مؤاتية للسلام في ظل هذه الظروف التي ينبغي أن تفرض على الجميع أولوية واحدة وهي التحرير ووقف الاستهدافات المتلاحقة.
_ إن حكومة الاحتلال لم تحترم بعد أيا من التزاماتها بموجب اتفاق وقف الأعمال العدائية والقرار 1701، فلماذا القفز إلى المطالبة باتفاق سلام ما دامت تل أبيب لم تتقيد بالاتفاقات والقرارات الموجودة بل هي تمعن في تجاوزها وتجاهلها؟
_ إن اليمين الليكودي واليمين المتطرف اللذين يحكمان الكيان حاليا هما غير مؤهلين عضويا وبنيويا لأي سلام، ذلك أنهما يجاهران بطموحهما إلى إنشاء إسرائيل الكبرى ويتعاملان باستعلاء مع الفلسطينيين والعرب ويرفضان مبدأ إقامة الدولة الفلسطينية ويريدان تطويع خارطة الشرق الأوسط بالحديد والنار، ما يعني أنه ليس هناك من شريك لأولئك اللبنانيين المتحمسين للسلام، إلا إذا كانوا مستعدين للاستسلام كامل للإرادة الإسرائيلية.
_ إن الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية لا تسمح بتحقيق سلام مع عدو ارتكب كل أنواع الفظائع في غزة ولبنان خلال الحربين الأخيرتين اللتين شنهما عليهما، إلى درجة أنه أصبح مكروها حتى من قبل الأوساط الشعبية وبعض النخب الحاكمة في الغرب بعدما كانت تاريخيا من داعميه، ما يدفع إلى استغراب تلك الشهية المفتوحة لدى جزء من اللبنانيين على السلام مع هذا الكيان المجرم في أسوأ توقيت، بينما مؤيدوه التقليديون في العالم، باستثناء الإدارة الأميركية، أصبحوا ينفرون منه ومن عدوانيته المفرطة.
_ إن التحولات التي يستند إليها البعض لاستجداء السلام تتطلب تدقيقا في طبيعتها واتجاهاتها قبل البناء عليها، إذ إن ما يحصل هو مسعى من قبل واشنطن وتل أبيب لتفصيل الشرق الأوسط على قياسهما من خلال القوة العسكرية، وبالتالي فإن المطروح على المقاومة في المنطقة هو الانتحار وعلى الأنظمة العربية هو الاستسلام، بعنوان التكيف مع التحولات وعدم معاندتها.
_ إذا كان أنصار السلام من اللبنانيين يستظلون بالموقف العربي، فإن السعودية لا تزال تشترط للسلام والتطبيع مع الكيان الإسرائيلي قيام دولة فلسطينية في إطار حل الدولتين، الأمر الذي يرفضه بشدة حكام تل أبيب والرئيس الأميركي دونالد ترامب، فلماذا يسبق بعض الداخل الرياض؟

alafdal-news



