عبد الله قمح - خاص الأفضل نيوز
شكّل كلام الوزير السابق والنائب الحالي عن حزب الله حسين الحاج حسن وقعاً صادماً حيث أشار في مقابلة مع قناة "الجزيرة" القطرية إلى استعداد الحزب لوقف إطلاق النار، لكنه لم يشر إلى حيثيات هذا الموقف.
عملياً، يمثل كلام الحاج حسن كلاماً مسؤولاً من مسؤول في حزب الله، ونابعاً من موقف الحزب التحرّك سياسياً على أعلى المستويات بما في ذلك الظهور الإعلامي بهدف تقديم وجهة نظر الحزب، وهذا يأتي من قراءة ذهب إليها المستوى السياسي الحالي الذي يقود الحزب ومفاده أنه لا يجوز في ظل الحرب الدائرة إخراج موقف الحزب السياسي من الصدارة وترك الآخرين يقررون أو يعبرون عن موقف الحزب، ومن جانب الآخر العبور على حالة يتقصد البعض تعميمها من أن الحزب انتهى سياسياً!
في العودة إلى أساس الموقف، فإنه نابع من موقف رسمي أو تقدير رسمي صادر عن قيادة الحزب عبر عنه الحاج حسن، وهو يقوم على ضرورة الذهاب إلى وقف لإطلاق النار، وهذا يتقاطع مع موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذاهب بدوره إلى تبنٌي هذا الخيار بكل قوة مهما كلف الأمر.
غير أن الالتباس الذي حصل نابع من عدم إفصاح الحاج حسن عن المسار الذي سوف يمر فيه قرار وقف إطلاق النار، وهل سوف يكون شاملاً بمعنى وقف إطلاق النار في قطاع غزة أيضاً ما يعزز الربط بين الملفين اللبناني و "الغزاوي"، أم أن الحاج حسن قصد وقفاً لإطلاق النار في لبنان فقط، وهو ما يعني خروجاً عن مسار التلازم مع قطاع غزة.
عملياً، يتقاطع وقف إطلاق النار الذي تبناه الحزب مع سياق عام يشمل قطاع غزة أيضاً، كمرحلة أولى، وفيما بعد يتولى الطرف السياسي الرسمي في لبنان بلورة وقف إطلاق النار على صورة تسوية لا بد أن تتشارك مع ملفات أخرى في الإقليم، وهو فعلياً ما وضع حزب الله في صورته.
هناك دافع آخر يذهب إليه حزب الله من وراء الموافقة على وقف لإطلاق النار أو الدعوة إليه، لا يرتبط من قصور لديه في القدرات العسكرية، علماً أن المعركة ما تزال في بدايتها، إنما نزولاً منه عند نصيحة بضرورة قطع الطريق على رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو غير الراغب حتى الآن في الموافقة على وقف إطلاق النار.
أيضاً ثمة من أشار إلى حزب الله بأهمية أن يتولى تقديم هذا الموقف من جانبه ما يعزز أوراق دول أخرى تعمل على الضغط على بنيامين نتنياهو لوقف آلة الحرب، رغم أن الحزب ربما غير مقتنع في جدوى هذه الضغوطات طالما أن الولايات المتحدة الأميركية تقف إلى جانب نتنياهو في حربه التي يخوضها على لبنان وشعبه.
عملياً يحتاج الوصول إلى وقف لإطلاق النار إلى مسار طويل من المباحثات والمناقشات غير جاهز اليوم، على الأغلب، ربطاً بطموحات حكومة العدو المنتشية الآن بفعل ما حققته من ضربات طالت حزب الله.
غير أن الوصول إلى مسار وقف إطلاق النار يتوفر فيما بعد، مع تحول المعركة الميدانية جنوباً إلى معركة استنزاف، وهو ما تعمل عليه المقاومة الآن، التي تنشط على خط صد محاولات العدو التقدم ناحية القرى، وأيضاً تجعل من المعركة ذات تكلفة كبيرة تُدخل العدو في مسار طويل من الاستنزاف، يخالف مع يصبو إليه من حسم المعركة البرية سريعاً في غضون أسابيع، من خلال السيطرة على مجموعة من القرى الأمامية التي تشكل عقد وصل مع قرى أخرى، وفيما بعد الانتقال إلى المرحلة الثانية مع العمليات التي تشمل دخولاً برياً أوسع لبناء شريط حدودي معين!