محمد علوش - خاصّ الأفضل نيوز
أفردت الحكومة في بيانها الوزاري اهتماماً خاصاً بملف إعادة إعمار ما هدّمته الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، فكان تأكيد في البيان وقبله في غالبية خطابات رئيس الحكومة نواف سلام على أن إعادة الإعمار ستكون أولوية قصوى في عمل الحكومة ولكن كيف سيكون ذلك؟
لا شكّ أن الثقة التي أعطتها كتلة التنمية والتحرير للحكومة مبنية على علاقة رئيس الكتلة نبيه بري بالحكومات السابقة والحالية، إذ لطالما كان بري مؤيداً ومتعاوناً ومستعداً لمساعدة رؤساء الحكومات على القيام بدورهم، وهذه المرة لم يختلف الحال فكانت الثقة حاضرة، كذلك كانت ثقة كتلة الوفاء للمقاومة التي أعطيت للحكومة، وهي التي لا تعطي الثقة عادة فتمتنع عن التصويت، وبحسب مصادر الكتلتين فإن الثقة أعطيت لأجل أولوية ملف إعادة الإعمار.
تكشف المصادر أن هذا الملف سيكون على رأس أولويات الكتلتين خلال المرحلة المقبلة، مشيرة إلى أن الثنائي يُدرك حجم الضغوطات التي سترافق هذا الملف، ولكنها لن تستعجل الحكم على الأداء قبل تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وبالتالي فإن الثقة مُنحت على أساس البيان الوزاري والوعود، وسيكون لهما موقف آخر بعد بدء العمل بحسب الأداء الذي ستعتمده الحكومة.
لن يكون ملف إعادة الإعمار ملفاً سهلاً، فبحسب رئيس الجمهورية جوزيف عون فإن الانطلاق بهذا الملف وبدء وصول الأموال إلى لبنان سيكون مرتبطاً بالإصلاحات التي تتخذها الحكومة اللبنانية وتغيير آليات العمل السابقة التي كانت تنطوي على كثير من التفلت والمخالفات، ولكن ما يقوله عون عن الإصلاحات يختلف عما تُريده أميركا من الإصلاحات، فما يهم الأميركيين هو نزع سلاح المقاومة والدخول في الإتفاقات الإبراهيمية أي التطبيع مع إسرائيل، وهذه أصل الإصلاحات التي تتحدث عنها أميركا والتي يؤكدها مبعوثها إلى المنطقة ستيف ويتكوف الذي قال: "هناك العديد من التغييرات العميقة التي تحدث في منطقة الشرق الأوسط ويمكن للبنان أن ينضم إلى "اتفاقيات أبراهام" للسلام، كما يمكن لسوريا أن تفعل ذلك أيضًا".
بحسب مصادر سياسية بارزة فإن ملف إعادة الإعمار لم يشهد حتى اليوم الكلام والوعود، وبحسب معرفتها فإن رئيس الحكومة يعتقد بأن هذا الملف لا يمكن أن ينطلق سوى من خلال دعم عربي ودولي ماديّ يأتي إلى لبنان من خلال مؤتمرات دولية للتمويل، ويصل إلى صندوق خاص سيكون للدول المانحة فيه صلاحيات واسعة وكبيرة، وبالتالي هل سيكون لهذه الدول التي تقدم المال شروطاَ سياسية بالمقابل، تسأل المصادر، مشيرة إلى أنها لا تتوقع غير ذلك، سوى اللهم بحال صدقت وعود دولة قطر بأنها ستساهم دون مقابل في عملية إعادة الإعمار.
إلى جانب مسألة تأمين المال لإعادة الإعمار مقابل شروط قد تكون قاسية وربما مستحيلة، هناك سعي دولي كبير جداً، أميركي وإسرائيلي، من أجل تجفيف منابع المال عن حزب الله لمنعه من إعادة الإعمار أيضاً، ومنع إيران من المساعدة في هذا السياق رغم ما تكشفه المصادر عن أن رئيس مجلس الشورى الإيراني قاليباف قدم عرضاً رسمياً خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت من أجل مساهمة إيران بإعادة الإعمار، وهو ما ترى المصادر أن لبنان قد يرفضه بسبب الضغط الدولي وبحجة العقوبات على إيران.
وتكشف المصادر أن تجفيف مصادر التمويل الذي انطلق من سقوط النظام في سوريا وإقفال طريق الدعم، ومرّ بملف الطيران الإيراني في مطار بيروت الدولي، سيستكمل من خلال زيادة الضغط على مؤسسة القرض الحسن، وكل هذا بحسب المصادر يعني أن هناك إرادة دولية بمنع حزب الله من إعادة الإعمار من أجل فرض الشروط لتمويل صندوق إعادة الإعمار، مع بروز أمر إضافي آخر وهو ضرورة الفصل بهذا الملف بين منطقتين، منطقة الحدود والتي سترفض إسرائيل وستحاول منع إعادة بنائها، وبين باقي المناطق المهدمة والمدمرة، وبالتالي قد نجد أيضاً تفاوتاً في تمويل إعادة إعمار المناطق لهذه الغاية، فبسبب وجود الاحتلال في بعض المناطق لن يكون إعمار المنطقة الحدودية ممكنا.