كريستال النوّار - خاص الأفضل نيوز
في هجومين متواصلين، نفّذت إسرائيل عدواناً استهدف عناصر من "حزب الله"؛ فغداة هجوم "البيجر" في 17 أيلول الجاري، ضربت موجة تفجيرات أجهزة لاسلكية أخرى في اليوم التّالي 18 أيلول. ولم يكتفِ العدو بهذا القدر، إذ نفّذ في 20 أيلول هجوماً بصواريخ على الضاحية الجنوبيّة لبيروت مستهدفاً اجتماعاً تحت الأرض لقادة "وحدة الرضوان" قاده ابراهيم عقيل.
وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أنّه نفّذ غارة جويّة استهدفت موقعاً في الضاحية الجنوبية لبيروت، ما أدّى إلى مقتل أكثر من 10 أشخاص، لافتاً إلى أنّ "ابراهيم عقيل والقادة الذين تمّت تصفيتهم كانوا من المدبّرين لخطة اقتحام الجليل، والتي كانت تهدف إلى اقتحام بلدات الجليل وقتل مدنيين بما يُشبه ما نفّذته حماس في السابع من تشرين الأول".
الأستاذ الجامعي الدكتور علي مراد يصف ما حدث من تفجير لأجهزة الاتصالات بـ"الاعتداء غير المسبوق على مستوى العالم، وهو يُشكّل تحدّياً وتهديداً لأمن الاتصالات والأمن السيبراني في العالم، ويفتح مجالاً لشكلٍ جديد من أشكال الحروب الهجينة".
وعن الحركة الدبلوماسيّة التي يقودها لبنان للخروج بقرار أممي يُدين إسرائيل ولو كان غير ملزم، يرى مراد، في حديثٍ لموقع "الأفضل نيوز"، أنّه "في معظم الحالات، كانت الولايات المتحدة لا تسمح بالوصول إلى قرار يُدين إسرائيل من خلال استخدامها لحقّ الفيتو، ولكنّنا اليوم أمام حالة غير تقليديّة، نحن أمام نمط جديد من الهجمات، وهذه الحالة تشكّل انتهاكاً للسيادة اللبنانية أولاً وللقانون الدولي الإنساني المرتبط بجرائم الحرب أيضاً".
ويُتابع مراد: "الهجوم بحجمه، طال عدداً كبيراً من الناس في أماكن مدنيّة. فحتى لو اعتُبر أنّه يستهدف مقاتلين، إنما الهجوم المُنفّذ كان خارج الجبهة مع احتمال وجود هذه الأجهزة مع غير المقاتلين. احتمال الخطأ ووقوع تفجير يستهدف مدنيين غير مقاتلين كان مرتفعاً، ممّا يُشكّل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني".
التّهديد عالميّ هذه المرّة ولا يعني لبنان فقط، إذ يقول مراد: "المجتمع الدولي قد يكون معنيًّا بما يحصل ليس فقط بالنسبة للبنان. وتتقاطع المصالح لإدانة هذا النوع من الاعتداءات لأنّه يُشكّل خطراً على السّلم العالمي ويفتح مجالاً لاستخدام هكذا عمليات على نطاق واسع"، موضحاً أنّ "القانون الدولي الإنساني، لا سيما العرفي، يحظر تماماً استخدام الأجهزة المفخّخة لأنّها تُصيب المدنيّين وتؤدّي إلى أضرار تتجاوز الجانب العسكري، وهذا ما تؤكّده الإصابات التي وقعت أخيراً. وبالتالي انتهاك القانون الدولي الإنساني مسألة ثابتة وليس هناك أيّ التباس حولها".
هنا، يرى مراد أنّه "يجب على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أن يتحمّلوا المسؤوليّة في إجراء تحقيقٍ شامل وعاجل وتحديد المسؤوليات في هذا المجال، خصوصاً بعدما تأكّد الانتهاك على لسان مديرة مكتب الشرق الأوسط وشمال افريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش لما فقيه، كما استخدم المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك تعبيراً دقيقاً ومهمًّا قائلاً إنّ الاستهداف المتزامن لآلاف الأفراد، سواء من المدنيين أو أعضاء الجماعات المسلّحة، من دون معرفة مَن كان بحوزته الأجهزة المستهدفة وموقعها ومحيطها وقت الهجوم، ينتهك القانون الدولي".
وبعد الاستهداف الأخير والكبير الذي طال الضاحية الجنوبية لبيروت، عُقدت جلسة لمجلس الأمن وحذّر مندوب الجزائر عمار بن جامع من أن إسرائيل "تدفع المنطقة نحو الحرب"، وأن هجماتها في بيروت تؤكد أنها "غير معنية بالسلام".
أمّا ممثلة الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن ليندا جيفرسون، فدافعت عن حقّ إسرائيل في "الدفاع" عن نفسها.
وقالت إن هجمات حزب الله "تدعم" حملة إيران وحماس لمهاجمة إسرائيل ويحق لإسرائيل "الدفاع عن نفسها".
وأضافت أن "الحل الدبلوماسي هو السبيل لعودة المشردين اللبنانيين والإسرائيليين لمنازلهم وسنظل نعمل على هذا الهدف".
واشنطن تُدافع مُجدّداً عن إسرائيل رغم كلّ ما يحصل من انتهاكات ووحشيّة وإجرام... فأيُّ مجتمعٍ دوليّ هذا؟! يدعم الإجرام رغم أنّه قد يطاله في يومٍ من الأيّام إذ أنّ التّهديد اليوم يُمسك بالتكنولوجيا الموجودة في تفاصيل حياتنا اليوميّة.
هنا ينطبق المثل القائل "لكلّ أمة وثن، وصنم هذه الأمة الجشع والطمع.. وتقدّم الأرض ما يكفي لتلبية حاجات كافة البشر، ولكن ليس بما يكفي لتلبية جشع وطمع كافة البشر".