محمد علوش - خاص الأفضل نيوز
في الوقت الذي يشهد فيه الشرق الأوسط تحولات عميقة بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تطل المفاوضات الأميركية الإيرانية مجدداً من بوابة عُمان.
التفاهمات أو النزاعات التي سترسمها هذه المحادثات لن تبقى محصورة بالملف النووي وحده، بل ستحدد أيضاً ملامح المشهد في دولٍ هشّة، وعلى رأسها لبنان.
منذ انطلاق جولات التفاوض الجديدة، بدا واضحاً أن الطرفين - واشنطن وطهران - يبحثان عن تسوية تحد من التوتر دون أن تقدم كل منهما تنازلات كبرى.
إيران تصر على حقها بتطوير برنامجها النووي والصاروخي بذريعة الدفاع الوطني، فيما تضغط الولايات المتحدة لتقييد هذه البرامج وضمان عدم تمدد النفوذ الإيراني عبر "قوى المقاومة" المنتشرة من لبنان إلى اليمن.
لبنان في قلب التجاذبات
بالرغم من أن المفاوضات لا تتناول لبنان بشكل مباشر، إلا أن انعكاساتها على الواقع اللبناني ستكون حتمية. فـ"حزب الله"، الذي يشكل أحد أبرز حلفاء إيران في الإقليم، سيكون لاعباً أساسياً في مرحلة ما بعد أي اتفاق، أو حتى في حال فشل المفاوضات.
أي انفراج نسبي قد يفتح الطريق أمام تسويات إقليمية يكون لبنان جزءاً منها، في المقابل، أي انهيار في المحادثات قد يعيد تسخين الجبهات، لا سيما على لبنان حيث تتزايد التحركات العسكرية الإسرائيلية وآخرها استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت دون أي تبرير أو ذريعة هذه المرة.
أهداف نتانياهو لا تنحصر بلبنان
تعلم قيادة المقاومة في لبنان أن الأميركيين لا يتعاملون مع لبنان على أنه ساحة منفصلة عن باقي ساحات المنطقة، وبالتالي لا يمكن لها أن تتخذ قراراتها بناء على الساحة اللبنانية وحسب دون ربطها بكامل المشهد الإقليمي، وكما المقاومة كذلك لبنان، يُدرك رئيس الجمهورية أن الأميركيين لا يُريدون البحث بأي حل يطال الساحة اللبنانية بمفردها، لذلك هم لم يضغطوا على إسرائيل لوقف خروقاتها أو للانسحاب من لبنان أو حتى لوقف تنفيذ ضربة الضاحية بعد ظهر الأحد الماضي.
لا شكّ أن لبنان يشكل ساحة لعب لنتانياهو، ويمتلك فيها بعض حرية حركة يسعى من خلالها للضغط على الحزب وإحراجه من أجل حثه على الرد، وعندها يعود نتانياهو إلى لغة الحرب التي تمكنه ربما من كسر مسار التفاوض مع إيران.
كذلك يُريد نتانياهو من استهداف الضاحية إبقاء ملف السلاح ملفاً ضاغطاً على الدولة اللبنانية، من خلال القول أن استمراره سيعني استمرار الحرب، وعلى بيئة المقاومة أيضاً من خلال القول أن بقاء السلاح يعني غياب الأمن والإستقرار.
وأيضاً من أهداف نتانياهو خلق معادلة جديدة قوامها أن حرية حركته مطلقة وعلى كل الأراضي اللبنانية وهي لن تكون " ردة فعل" بمعنى أنها غير مرتبطة بفعل عدائي تجاهها، وبحسب معلومات "الأفضل" فإن الكل في لبنان بات ينتظر ملف التفاوض الأميركي – الإيراني، ويرفض الدخول في لعبة نتانياهو لتطييرها.
ومن الأهداف أيضاً فقد يكون التصعيد محاولة من نتنياهو لتعزيز موقفه السياسي الداخلي، بظل هشاشة البيئة الداخلية في الكيان الإسرائيلي.
سلاح الحزب... على الطاولة الخلفية؟
بحسب مصادر مطلعة فإن هناك قناعة في لبنان بأنه من غير المتوقع أن يكون سلاح "حزب الله" محوراً رئيسياً في المفاوضات الحالية بين أميركا وإيران، غير أن التفاهمات الكبرى حول ضبط الساحات المتوترة، قد تدفع بشكل غير مباشر إلى إعادة ترتيب دور الحزب ضمن المعادلة اللبنانية، وترتيب دور إسرائيل في المنطقة أيضاً، فهل يتمكن الحزب من تحمّل التصعيد الإسرائيلي والضغوط عليه، أم أن للصبر حدود قد تكسرها كثرة الاستهدافات؟